العمل ،هل هو ضرورة أم ثقافة ؟!

ثقافة العمل في المجتمعات العربية

0

العمل ، ضرورة وثقافة في آن واحد :

العمل هو ضرورة وأمر واجب على كل منا، فكل فرد منا هو عضو في المجتمع الذي يعيش به ويتوجب على هذا العضو أن يكون فعال ومساهم في بناء وتطوير هذا المجتمع مهما كانت طبيعة هذا العمل .

كما أن العمل هو واجب في كل الديانات السماوية بما فيها الاسلام الذي يعتبر فيها العمل عبادة،

كما أن كل الأنبياء والرسل عليهم السلام قد عملوا من قبل في مختلف المهن ،

السيد المسيح عليه السلام عمل في مهنة النجارة ،سيدنا موسى كان يعمل راعياً للأغنام وهي مهنة مارسها سيدنا محمد صلى الله وعليه وسلم .

فاذن عند انتشار المهن المختلفة تنشأ في المجتمعات ما يُعرف بثقافة العمل التي تختلف باختلاف المجتمعات وتنوع إرثها الثقافي والاجتماعي .

ثقافة العمل :

تختلف ثقافة العمل من مجتمع إلى آخر بحسب العادات والعرف والتقاليد والطبيعة التي يعيش بها السكان،

فقد نرى على سبيل المثال في غالبية مجتمعاتنا العربية أن المهندس أو الطبيب يحظى بالراتب الأعلى والمستوى الاجتماعي الأرفع .

ثقافة-العمل

 لذلك نرى الأهل في المجتمعات العربية يبذلون كل ما في وسعهم كي يعلموا أبناءهم هذين التخصصين ،

فيما قد لا نرى هذا الأمر في أماكن أخرى من العالم ، فهم يؤمنون في تلك المناطق أن الوظائف كلها سواسية وأن كلا منها يفيد المجتمع بطريقته .

ولهذا قد نرى راتب المهندس على سبيل المثال في تلك المناطق أقل من بعض الأعمال الأخرى والتي قد نعتبرها “دونية ” في ثقافة العمل الخاصة بنا .

كما أن هذه الثقافة تنتقل أيضا من جيل إلى الذي يليه عن طريق التربية والملاحظة ، فقد يلاحظ الأولاد منذ الصغر اهتمام الأهل ببعض المهن ووضعهم في المجتمع مما يؤدي إلى حبهم لهذه المهن واحتقار أخرى .

وهذا يعتبر من أحد الأخطاء التي يقوم بها الأهل بحق أطفالهم حيث تكون أقرب الى استخدام القوة الناعمة في فرض رغبة الأهل والمجتمع على أطفالهم ليحبو مهن قد لا يكونو قادرين على الإبداع بها عندما يكبرون .

 تصنيفات المهن :

إن ثقافة العمل لا تتوقف على تصنيف المهن في المجتمع ، بل إنها تتعدى ذلك إلى سلوكيات المواطنين في مهنهم وأعمالهم المختلفة .

نلاحظ على سبيل المثال التزام العاملين في بعض المجتمعات بالمهن التي يقومون بها وحرصهم الشديد على إكمالها وإتقانها بشكل تام،

بينما قد نرى التسيب واللامبالاة في مجتمعات أخرى بالإضافة إلى الكذب والغش وغيرها من الأمور ،

والتي قد تعتبر في بعض الأحيان مهارة فريدة من نوعها لدى من يتقنها نتيجة انحطاط الأخلاق في ذلك المجتمع وابتعادهم عن الفطرة الصحيحة والواجب اتجاه المجتمع .

 يعد الارتقاء بثقافة العمل في المجتمعات على الدوام هو الوسيلة الأولى للارتقاء بالمجتمع وذلك عن طريق مسح كلمة “العيب” أو “مهنة معيبة” من هذه الثقافة وزرع الأخلاقيات في المجتمع وبيان المصلحة الكبرى من العمل وتأثيره على المجتمع بأكمله .

فالعمل هو أسمى بكثير من أن يكون وسيلة لجمع الأموال في المجتمع ،

بل إنه يرتقي ليكون أساسا لنهضة المجتمعات بحيث يتكامل العمال جميعا لسد الثغرات في المجتمع وجعله الأحسن والأفضل بحيث لا يمكن على الإطلاق الاستغناء عن أي مهنة من المهن مهما كان نوعها .

أطفال المستقبل ،بين تعصب الأهل و رغبة الأبناء :

معروف أنَّ مرحلة المراهقة تشهد سلسلة من التغيُّرات الفيزيولوجيَّة السريعة،

فهي الفترة الأكثر صعوبة بالنسبة للمراهق ، حيث يبدأ فيها بالنظر إلى مستقبله ومركزه الاقتصادي والاجتماعي، وتتملكه رغبة شديدة بالاستقلال واحتلال مركز بين الكبار ،

العمل-المهن

فيفكر في إعداد نفسه حتى يحقِّق هذا الاستقلال، وهنا يشعر بالحاجة إلى التوجيه وإلى مهنة معيَّنة يقوم عليها مستقبل حياته،

فمن أين يبدأ التوجيه المهني للمراهق؟ وما دور الأهل في توجيه ابنهم المراهق مهنياً؟

الطفل ومنذ بلوغه مرحلة المراهقة، تدور بذهنه تساؤلات من أنا؟ ماذا سأكون؟

وهذا الشعور يسمى تطور الشخصيَّة وتكون له مهام عديدة من ضمنها اختيار الوظيفة التي يريد أن يمتهنها عندما يكبر، بدءاً من الحلم بأن يكون طبيباً أو مهندساً أو لاعب كرة قدم أو عالماً عبقرياً ….الخ.

ما هي العوامل المؤثرة في تكوين المسار المهني المستقبلي للمراهق؟

  •  المجتمع المحيط به.
  •  البيئة التعليميَّة (المدرسة).
  •  القيم المجتمعية المكتسبة والموروثة.

في غالب الأحيان يصرُّ الآباء على أن يقوموا بتحديد المهنة لأبنائهم وهم لايزالون صغاراً.

يقوم هذا التحديد من ناحية الوالدين على عوامل عديدة منها:

  • بعض الآباء يرغب بأن يتبع الطفل مهنة والده.
  • رغبة الآباء تحقيق حلمهم المهني الذي لم يستطيعوا الوصول إليه من خلال توجيه أبنائهم له.
  • أن يختار الآباء لأبنائهم مهنة ذات صيت ونفوذ أو مهنة مخالفة لمهنته لكراهيته هو لها.

وهنا نجد أنَّ المراهق إما أن يتبع ما يريده الأبوان على مضض أو قد يتخذ موقفاً مختلفاً فتحصل المنازعات بين الآباء والأبناء وهنا يبرز دور ثقافة العمل وأهميتها في المجتمع .

ما هو الحل في هذه الحالة ؟

ثقافة-العمل-للاطفال

البيت:

يجب على الآباء ترك الباب مفتوحاً لجميع المجالات أمام اولاده وتشجيعهم على الاهتمامات والهوايات؛

لأنَّ الأمور الحقيقيَّة هي التي سوف تفرض نفسها في النهاية ، هنا يلعب تأثير الأصدقاء دوراً كبيراً؛

لذا يجب الحرص على متابعة من يجالس الأبناء حتى يكون ذلك لهم عوناً في تحديد مستقبلهم المهني.

المدرسة:

  • لا بد من عمل برامج مدرسيَّة تساعد الطلاب على حلِّ المشكلات المتعلقة باختياراتهم وبخاصة المرحلة الثانويَّة لانها تسبق مرحلة الجامعة والاختيار الاكاديمي .
  • توجيه الطلاب نحو المسارات والوسائل التي تتلاءم مع ميولهم ويكون لها سوق عمل مناسب أيضاً،

    فعلى سبيل المثال لا يمكنك أن تدفع احد الطلاب الى ممارسة لعبة كرة القدم وامتهانها في بلد لا تتواجد فيه الأندية أو الملاعب المخصصة لهذه اللعبة .

  • يجب كذلك مساعدة المراهق في كيفيَّة إيجاد البدائل لحلمه او رغباته في حال أخفق في تحقيق احداها ومساعدته على اختيار طريق آخر أكثر ملائمة للمجتمع الذي يعيش به.

اترك تعليقا