القيم الخمسة التي علينا تعليمها لأطفالنا قبل سن الخامسة

تربية الأطفال على القيم والمبادئ في عصرنا هذا ليست بالأمر السهل أبداً

0

القيم الخمسة التي يجب على كلّ الأطفال اكتسابها قبل عيد ميلادهم الخامس، وأساليب سهلةٌ لترسيخها لديهم.

سوف نستعرض في مقال اليوم ما هي هذه القيم الخمسة ،حيث يظنّ العديد من الأهل أنّه من السّابق لأوانه تعليم أطفالهم الصّغار أو الذين في سن الحضانة القيم أو الأخلاق الاجتماعية، ولكنّ ذلك مفهوم خاطئ تماماً.

 القيمة #1: الصدق

فل نساعد الأطفال على إيجاد طريقة لقول الحقيقة :

إنّ الطّريقة المثلى لتشجيع الصّدق لدى طفلكم هي أن تكونوا أشخاصاً صادقين أنفسكم. 

يجب أن تتذكروا هذه القصة دائماً :طفلان-يلعبان

 قرّرت كارول أن تقلّل من مواعيد لعب ابنها ذي الثّلاثة أعوام، كريس، مع صديقه بول.

لقد تشاجر الصبيّان كثيراً مؤخّراً ، وارتأت كارول أنّ عليهما أن يفترقا لبعض الوقت.

لذلك، عندما اتّصلت والدة بول ذات مساء لترتيب لقاء الصّبيّين، قالت لها كارول إنّ كريس كان مريضاً.

عند سماعه لهذا، سأل الابن، “ماما، هل أنا مريض؟ ما الذي أصابني؟”

متفاجئةً بنظرة ابنها الخائفة، أخبرته كارول بأنّها قالت ذلك فقط لكي لا تؤذي مشاعر والدة بول حيث أنها لا تريد لكريس أن يلتقي بول . 

ومن ثمّ استرسلت كارول ( الأم ) في شرحٍ معقّدٍ عن التّفريق بين أنواع الأكاذيب المختلفة ، فتضاربت أفكار كريس في تلك اللحظة . 

كل الذي فهمه كريس كان أنّه لا بأس من الكذب أحياناً وأنّ ذلك، في حقيقة الأمر ، هو ما يفعله جميع الناس .

إنّ طفلك يتمثّل تصرّفاتك أنت، لذا فإنّه من المهمّ محاولة تجنّب كلّ أنواع الخداع، حتّى الخداع الذي قد يبدو بريئاً نوعاً ما.

(لا يجب إطلاقاً، على سبيل المثال، قول شيءٍ مثل “دعنا لا نخبر بابا أنّنا اشترينا اليوم حلويّات”)

على طفلك أن يرى صدق معاملتك مع الآخرين من الكبار :

كانت كارول لتكون في وضع أفضل لو أنّها قالت :

“ليس اليوم مناسباً للّقاء ،يقلقني أنّ الولدين قد تشاجرا كثيرا الأسبوع الماضي ،أعتقد أنّهما بحاجة لاستراحة” .

طريقةٌ أخرى لتعزيز قيمة الصّدق :

لا تبالغوا في ردّ الفعل إن كذب أطفالكم عليكم .في المقابل ، ساعدوهم على إيجاد طريقةٍ لقول الحقيقة 

على سبيل المثال :

عندما دخلت والدة جانيس الفتاة ذات الأعوام الأربعة إلى غرفة المعيشة ذات يوم، اكتشفت أنّ نبتتها المزروعة في أصيص كبير قد قُلبت وأنّ عدداً من أغصانها قد اقتُلع.

“الأم عَرفت فوراً ما قد حدث”. 

ففي مرة سابقة ، كانت قد رأت جانيس تلعب وتجعل عروستها “تتسلّق الأشجار” ، وأفهمت ابنتها في حينها أنّ النّبتة ممنوعة عليها. طفلة-غاضبة

 عندما طالبت الأمُّ ابنتها بتفسير لما حدث الآن ، ألقت جانيس التي اعتراها “الذّنب” اللّوم على كلب العائلة.

كان ردّ فعل والدة جانيس عاقلاً : قاطعت ابنتها قائلةً،

“جانيس، أعدك بأن لا أوبّخك. فكّري بالأمر لبرهةً وبعدها أخبريني بما قد وقع حقيقةً “.

 بعد برهة، أقرّت الطّفلة بفعلتها.

ترتّب على جانيس المساعدة في تنظيف الفوضى والتّخلّي عن مشاهدة التّلفزيون ذلك المساء كعقوبة، ولكنّ والدتها تأكّدت من إظهار مدى تقديرها لصراحة ابنتها.

بفعلها هذا، علّمت الطفلة درساً قيّماً:

حتى ولو لم يكن قول الحقيقة دائماً سهلاً أو مريحاً، فإنّك بقولها سوف تشعر بالرّضى 

 

القيمة #2: العدالة 

لنصرّ على أن يصلح الأطفال أخطاءهم :

في اجتماعٍ للعائلة مؤخّرا ، كان كل من إيمي وماركوس، أبناء العمومة ذوي الأربعة أعوام، يبنيان قلاعاً بمكعّبات خشبيّة. وفجأةً، هدمت إيمي قلعة ماركوس، وأخذ هو يبكي.

وبّخ والد إيمي ، وكان قد رأى ما حدث، ابنته وطالبها بالاعتذار .

قالت البنت بطاعةٍ ، “أنا آسفة” .

أخذها والدها بعد ذلك جانباً وسألها، “أتعرفين ما الذي دفعك إلى هدم مكعّباته” ؟؟

قالت له إنّها غضبت لأنّ قلعة ماركوس كانت أكبر من قلعتها.

فقال لها أبوها إنّه على الرّغم من أنّ ذريعتها لا تبرّر هدمها لقلعة ابن عمّها، ولكنّه يتفهّم مشاعرها.

وأرسل الأب ابنته إلى اللّعب مجدّداً.

طفلة تلعب بالألعاب الخشبية

إن ردّ فعل الأب هذا مشابهٌ لردود أفعال العديد من الأهل ذوي الوعي النفسيّ ،

أراد لابنته أن تتعرّف على مشاعرها وتعبّر عنها، وأن تفهم ما الذي دفعها إلى ذلك السّلوك. هذا جيّد، ولكنّه غير كافٍ. 

من أجل أن يساعدوا الأطفال على خلق إحساس حقيقيّ بالعدالة ، يجب على الأهل تشجيعهم على القيام بفعل من شأنه جبر الأذى.

مثلاً ، كان لوالد إيمي أن يقترح عليها مساعدة ماركوس على إعادة بناء قلعته، أو أن تحضر له البسكويت كعربونٍ للاعتذار .

إنّه لمن السّهل على الأطفال قول، “أنا آسف” وهي ترفع عنهم اللّوم بدون أن تدفعهم إلى التّفكير  

إنّ حمل الأطفال على تصحيح أخطائهم بشكل استباقي يؤدّي رسالةً أكثر تأثيراً.

إذا كنت على علمٍ بأنّ طفلك قد أساء إلى أحدهم ، فعليك مساعدته على التفكير بطريقةٍ ما للتّعويض.

ربّما مثلاً أن يهب رفيقه إحدى سيّاراته أو ألعابه بعدما كان قد حطّم له لعبته سابقاً. 

ربّما مثلاً أن يرسم لأخته لوحةً بعد أن كان قد ضايقها وأزعجها اليوم كلَّه.

بتشجيع طفلكم على القيام بمبادرات كتلك، تغرسون فيه أهميّة معاملة النّاس بالعدل، وهي القيمة الجوهريّة التي سوف تساعده يوماً في التّغلّب على تعقيدات عوالم علاقاته بأقرانه .

القيمة #3: التّصميم 

لنشجّعهم على قبول التّحدّي :

عرض جيك ذو الخمسة أعوام على والدته لوحةً رسمها باستخدام أقلام تلوينه الجديدة.

هذا جدُّ مشرقٍ وملوّن ” قالت له ؛ “أحسنت صنعاً”!!

أسرع الطّفل عندها إلى غرفته وخربش لوحةً أخرى للحصول على مديح والدته ؛ ومن ثمّ خربش أخرى، فأخرى .

“كلّ واحدةٍ كانت أكثر فوضى من الأخرى” ، قالت الأمّ : “لم أعرف ماذا عليّ أن أقول” .

إنّ ردّاً معقولاً كان ليكون : “حسناً، جيك، لوحتك هذه لم تُصنع بنفس الإتقان كالأخرى.هل بذلت أقصى جهدك وأديت أفضل ما عندك” ؟؟

التّصميم هي من القيم التي يمكن تشجيعها منذ عمرٍ مبكّر. أسهل طريقة لفعل ذلك هي تجنّب المديح الزّائد وإعطاء الأطفال ملاحظاتٍ صادقة ً وبأسلوبٍ ليّنٍ ومشجّع

من الطّرق قويّة التّأثير أيضاً في مساعدة الأطفال على تطوير الـتّصميم ، تشجيعهم على القيام بأمورٍ صعبة التّحقيق، ومديحهم على مبادراتهم.العاب-جماعية-للاطفال

إذا كان طفلكم خجولاً ، على سبيل المثال، فشجّعوه بهدوءٍ على الاقتراب من الأولاد في الملعب، حتّى ولو أشعره ذلك بالتّوتّر والخوف. 

مثلاً :

إذا كانت ابنتك سريعة الغضب ، عليك بتعليمها استراتيجياتٍ (كالعدّ إلى عشرة أو أخذ نفس عميق) لكبح نوبة غضبها. 

هنّئوا الأطفال إن هم استطاعوا عمل أشياء صعبةً عليهم .

إنّ الطّفل الذي يسمع كلمة “أحسنت، أعرف كم كان ذلك صعباً!” إنّما يشدّ هذا الاعتراف من عزيمته ، بل ويصبح حتّى أكثر تصميماً على المحاولة مرة أخرى .

 

القيمة #4: المراعاة

لنعلّمهم التّفكير بمشاعر الآخرين :

أصاب الإحباط  الأم لونا لأنّ الحال كان ينتهي دوماً بابنتيها، ذوات السّنين الثّلاث و الأربع، بالتّذمّر والشّجار كلّما اصطحبتهما لتسوّق حاجيّات المنزل.

تقول لونا، “قلت لهما أخيراً إنّه لابدّ لنا من إيجاد طريقةٍ لتسوّق حاجيّاتنا بدون أن نعود جميعاً ،وأنا أولكم منزعجين”.

سألت الأمّ ابنتيها إذا ما كان لديهما اقتراحات تجعل نزهة التّسوق تجربةً أفضل لجميعهنّ.

اقترحت البنت التي في الرّابعة إحضار أطعمة من المنزل لكيلا تلحّ البنتان على شراء البسكويت في السوق، وقالت البنت التي في الثّالثة إنها سوف تغنّي بهدوء لنفسها كي تشعر بالسعادة.

تذكّرت البنتان وعديهما، وسارت الأمور في رحلتهما التّالية إلى السوبرماركت بسلاسة أكثر. 

بينما يغادرن المحل ، سألت صغرى البنات: “هل حقّاً تشعرين بانزعاج الآن يا ماما؟” أكّدت الأمّ لها بأنّها تشعر برضى وامتدحت كم أنّه من الجيّد أن أحداً لم يدخل في مشادّة أو شجار .

المراعاة من أهم القيم وأسماها

هل تساعد تمارين حلّ المشاكل الصّغيرة هذه الطّفل فعلاً على أن يتعلّم قيمة المراعاة؟ 

يمكنكِ المراهنة على ذلك. مع الوقت، يرى حتّى الطّفل الصّغير أنّ للكلمات والأفعال القدرة على جعل أحدهم يبتسم أو يشعر بتحسن، وأنّه بالعطف تجاه الآخرين ، نكسب عطفاً منهم بالمقابل. 

هذه الملاحظات تشجّع في الأطفال تصرّفات أصيلة أخرى في المراعاة والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين.

 

القيمة #5: الحبّ

لنكن كريمين بعواطفنا :

يميل الأهل إلى الظّن بأنّ الأطفال محبّين وكريمين بعواطفهم بالفطرة.

هذا صحيح، ولكن لكي تستمرّ مشاعر المحبّة تلك، يجب تبادلها معهم. 

إنّه لمن المثير للقشعريرة اكتشاف أنّه على مدى نهارٍ مزدحم عاديّ، يكون احتمال أن يسمع الطّفل عبارة “أنا أحبّك” غير مرجّح .

دعوا طفلكم يشهد إظهاركم لمحبّتكم و عواطفكم للنّاس في حياتكم.

 قبّلوا واحضنوا أزواجكم بحضور الأطفال.القيم-الحب-الاطفال

تحدّثوا إلى الأطفال عن مدى حبّكم وتقديركم لأجدادهم، جداتهم، وأقاربهم .

وكذلك، طبعاً، لا تدعوا يوماً يمرّ بدون أن تعبّروا لطفلكم نفسه عن مقدار محبّتكم له.

 أظهروا حبّكم بطرق غير متوقعة :

  • خبّئوا رسالة في علبة طعامه المدرسيّة.
  • ألصقوا قلباً على مرآة الحمّام لطفلكم كي يراها عند غسيل الأسنان.
  • احضنوهم بدون أي سبب. 
  • لا تدعوا توصيلات الصّباح المزدحم أو روتين المساء المحموم يطارد طبيعتكم المحبّة إلى خارج حدود النّهار.

أستطيع عمليّاً أن أضمن لكم أنّه كلّما أكثرتم من قول “أحبّك” لطفلكم، كلّما زاد بالمقابل قوله لها ،بالقدر الذي تبذلونه من احتضان ومن قُبَل سوف يمتلئ بيتكم محبّةً وعطف. 

وعندما يتمتّع أطفالنا بحرّيّة التّعبير عن حبّهم لنا، نكون قد غرسنا فيهم ما هو ربّما أسمى القيم كلّها قيمة ” الحب “.

 

 في الختام من المؤكد أن تربية الأطفال على القيم والمبادئ في عصرنا هذا ليست بالأمر السهل أبداً ونرجو أن يساعد مقالنا في تصويب بوصلة البعض نحو تربية وتنشئة أفضل.

المصدر : 

بارنتس

اترك تعليقا