ما هو الالتهام الذاتي ؟

البلعمة الذاتية "autophagy"

0

ما هو الالتهام الذاتي autophagy ؟

الالتهام الذاتي هو طريقة يستخدمها الجسم للتخلص من الخلايا التالفة، واستبدالها بخلايا حديثة وصحية، كما عَرَّفته الدكتورة بريا خورانا (دكتوراه في التثقيف الغذائي من جامعة كولومبيا).

إن كلمة الالتهام الذاتي (Autophagy) هي كلمة مُركبة يونانية الأصل حيث أن “Auto” تعني الذات أما كلمة “phagy” فتعني الأكل أو تناول الطعام، لذا فإن المعنى الحرفي للالتهام الذاتي هو الأكل الذاتي (self-eating).  

يشار إليه أيضًا بمصطلح التهام الذات “self-devouring”. قد يرعبك اسمه وتتمنى أن لا يحدث في جسدك، ولكنه في الحقيقة مفيدٌ جداً لصحتك العامة. 

هذا لأن الالتهام الذاتي هو آلية متطورة للحفاظ على الذات يمكن من خلالها للجسم إزالة الخلايا المُختلة وظيفياً وإعادة استخدام أجزاء منها بهدف الإصلاح الخلوي (إصلاح الخلايا) والتنظيف، وهذا وفقاً للدكتورة لويزا بيتري (طبيبة قلب مُجازة).

و توضح د.بيتري أن الغرض من الالتهام الذاتي هو إزالة الحطام وإعادة التنظيم الذاتي من خلال العودة للوظيفة الأسلس والأمثل.

“إنها إعادة تدوير وتنظيف في نفس الوقت. تمامًا مثل الضغط على زر إعادة الضبط (Reset) في جسمك. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تعزز البقاء والتَكيُف كرد فعل لمختلف الضغوطات والسموم المتراكمة في الخلايا”. 

سنتعرف في هذا المقال أكثر عن الالتهام الذاتي وفوائده.

ما هي فوائد الالتهام الذاتي؟

خلايا-الجسم-البشري

يبدو أن الفوائد الرئيسية للالتهام الذاتي تأتي على شكل مبادئ مكافحة الشيخوخة. في الواقع، تقول “د.بيتري” إنها معروفة أكثر بأنها طريقة الجسم لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإنشاء خلايا أصغر سناً.

كما تشير “د. خورانا” إلى أنه عندما تكون خلاياك متعبة، تزداد عملية البلعمة الذاتية من أجل حمايتك، و لمساعدتك على تحسين وزيادة فترة حياتك.

بالإضافة إلى ذلك، يقول سكوت كيتلي (اختصاصي نظم غذائية مُسجَل)، في أوقات الجوع الشديد، فإن الالتهام الذاتي يحافظ على استمرارية الجسم وبقائه عن طريق تكسير المواد الخلوية وإعادة استخدامها في العمليات الضرورية.

ويضيف: “بالطبع هذا الأمر يتطلب طاقة ولا يمكن أن يستمر إلى الأبد، لكنه يمنحنا مزيدًا من الوقت للعثور على الغذاء”.

على المستوى الخلوي (الخلايا)، تقول د.بيتري إن فوائد الالتهام الذاتي تشمل:

  • إزالة البروتينات السامة من الخلايا و التي يُنسَب إليها أمراض التنكس العصبي، مثل مرض باركنسون ومرض الزهايمر.
  • إعادة تدوير البروتينات المتبقية.
  • توفير الطاقة ولبِنَات البناء للخلايا التي لا يزال بإمكانها الاستفادة من الإصلاح.
  • على نطاق أوسع، فإنه يحفز على تجديد الخلايا السليمة.

كما يحظى التهام الذات باهتمام كبير للدور الذي قد يلعبه في الوقاية من السرطان أو علاجه أيضًا.

يوضح كيتلي: يتراجع الالتهام الذاتي مع تقدمنا في العمر، وهذا ما يسمح للخلايا التي لم تعد تعمل أو للخلايا التي قد تلحق الضرر والأذى بالتكاثر، وهذا هو منشأ الخلايا السرطانية.

في حين أن جميع السرطانات تبدأ من بعض أنواع الخلايا المعطوبة، تقول “د.بيتري” إن الجسم يجب أن يتعرف على تلك الخلايا ويزيلها، غالبًا باستخدام عمليات البلعمة الذاتية (التهام الذات). 

هذا هو السبب في أن بعض الباحثين يبحثون في احتمال أن الالتهام الذاتي قد يقلل من خطر الإصابة بالسرطان.

وعلى الرغم من عدم وجود دليل علمي يدعم ذلك حتى الآن، تقول “د.بيتري” إن بعض الدراسات تشير إلى أنه يمكن إزالة العديد من الخلايا السرطانية من خلال عملية الالتهام الذاتي.

تشرح قائلة: “هذه هي الطريقة التي يتعامل بها الجسم مع السرطان”. “إن التعرف على الأخطاء التي حدثت وتدميرها وتشغيل آلية الإصلاح يساهمان في تقليل مخاطر الإصابة بالسرطان”.

يعتقد الباحثون أن الدراسات الجديدة ستحمل بارقة أمل في استخدام الالتهام الذاتي كعلاج للسرطان.

تغييرات في النظام الغذائي يمكن أن تعزز الالتهام الذاتي:

تَذكر أن الالتهام الذاتي يعني حرفيًا “الأكل الذاتي”. لذلك، فمن المنطقي أن الصيام المتقطع والنظام الغذائي الكيتوني (الكيتو دايت: Ketogenic diets) يقومان بتحفيز البلعمة الذاتية.

توضح “د. بيتري”: أن الصيام هو الطريقة الأكثر فعالية لتحفيز الالتهام الذاتي. 

وتضيف: إن الكيتو دايت هو نظام غذائي غني بالدهون و فقير بالكربوهيدرات، له نفس فوائد الصيام بدون صيام، فهو كالطريق المختصر لتحفيز نفس التغييرات الأيضية (الاستقلابية) المفيدة، من دون إرهاق الجسم بحمل خارجي من الأغذية، وبذلك يمنح الجسم فترة راحة للتركيز على صحته وإصلاحها.

وجبة-كيتو-دايت

في نظام الكيتو الغذائي تحصل على حوالي 75 ٪ من سعراتك الحرارية اليومية عن طريق تناول الدهون، و 5 إلى 10% من السعرات الحرارية عن طريق الكربوهيدرات.

يؤدي هذا التحول في مصادر السعرات الحرارية إلى تحويل جسمك لمسارات التمثيل الغذائي (الاستقلاب). حيث سيبدأ الجسم في استخدام الدهون كوقود بدلاً من الجلوكوز المشتق من الكربوهيدرات.

استجابة لهذا التقييد الذي تفرضه هذه الحمية الكيتوزية، سيبدأ جسمك في إنتاج أجسام كيتونية لها العديد من التأثيرات الوقائية. 

تقول “د.خورانا” إن الدراسات تشير إلى أن الكيتوزية يمكن أن تسبب أيضًا البلعمة الذاتية (التهام الذات) التي يسببها الجوع الشديد، والتي لها وظائف عصبية هامة.

وتوضح “د. بيتري” ذلك: بأن مستويات الجلوكوز تنخفض في كلا النظامين الغذائيين “الصيام” و”نظام الكيتو الغذائي“، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض الأنسولين وارتفاع مستويات الجلوكاجون (glucagon)، و إن مستوى الجلوكاجون هو الذي يحرض على بدء عملية الالتهام الذاتي.

وتضيف: “عندما ينخفض ​​مستوى السكر في الجسم من خلال الصيام أو الكيتوزية، فإن ذلك يجلب الضغط الإيجابي الذي يوقظ وضع النجاة الإصلاحي”.

ممارسة الرياضة:

رجل-رياضي

بعيداً عن الأنظمة الغذائية، ومن المجالات التي لا تتبع لأي نظام غذائي، تلعب ممارسة الرياضة والتمارين الرياضة أيضًا دورًا في تحفيز الالتهام الذاتي. فوفقًا لإحدى الدراسات التي أجريت على الحيوانات، فإن التمارين البدنية قد تحفز الالتهام الذاتي في الأعضاء التي تشكل جزءًا من عمليات تنظيم الاستقلاب (التمثيل الغذائي). يمكن أن يشمل ذلك العضلات والكبد والبنكرياس والأنسجة الدهنية.

الخلاصة:

ستستمر الالتهام الذاتي في جذب الانتباه حيث يجري الباحثون المزيد من الدراسات حول تأثيره على صحتنا.

في الوقت الحالي، لا زال خبراء الصحة والتغذية بحاجة لمعرفة المزيد عن البلعمة الذاتية وعن أفضل وسيلة لتحريضها بالشكل الأمثل.

ولكن إذا كنت مهتمًا بمحاولة تحفيز الالتهام الذاتي في جسمك، فإن خبراء الصحة والتغذية ينصحون بالبدء بإضافة الصيام وممارسة التمارين الرياضية بانتظام إلى روتينك.

ورغم ذلك، تحتاج إلى استشارة طبيبك إذا كنت تتناول أي أدوية، أو في حالة الحَمل، أو الرضاعة الطبيعية، أو إذا كنتِ تخططين للحَمل، أو لديك حالة مَرَضية مزمنة، مثل أمراض القلب أو مرض السكري.

مصدر Pub Med Pmc Doi
اترك تعليقا