ما هو الغرق الجاف ؟؟ قاتل الأطفال الصامت !!

Dry Drowning

0

الغرق الجاف مصطلح قديم استُخدم لوصف الحالات التي نتجت فيها الوفاة عن بلع أو استنشاق المواد السائلة مثل مياه السباحة أو غيرها، وذلك بدون ظهور علامات تدل على وجود صعوبة في التنفس لدى الضحية. تُبرِز المصطلحات المخيفة مثل “الغرق الجاف” أو “الغرق الثانوي” – بالرغم من ندرة حدوث هذه الحالات – مخاطر موسم السباحة الصيفي، على الأطفال بشكل خاص. وفقاً للدراسات يعتبر الغرق هو السبب الرئيسي الثاني لوفاة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و 4 سنوات، ويحتل المرتبة الثانية بعد التشوهات الخلقية، وهو أحد الأسباب الثلاثة الرئيسية للوفاة غير المُتعمدة لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً. ستناقش هذه المقالة أعراض وأسباب الغرق الجاف وتشرح متى ينبغي طلب العناية الطبية.

ما هو الغرق الجاف؟

الغرق-الجاف-

عندما يسقط طفل أو بالغ في الماء، من الطبيعي أن يستنشق الماء أو يبتلعه وهو في حالة من الذعر. وبمجرد أن يتم إنقاذ هذا الشخص من الماء، يفترض معظمنا أن الخطر قد انتهى. ولكن الحقيقة هي أنه وبعد دخول الماء عن طريق الأنف أو الفم، يمكن لعضلات القصبة الهوائية أن تصبح “مقيدة” كرد فعل دفاعي لحماية الرئتين من دخول الماء إليها. وهي الحالة التي يطلق عليها مصطلح “الغرق الجاف”.

تجدر الإشارة إلى أن معظم الهيئات والمنظمات الطبية لا تُشجع على استخدام مصطلح الغرق الجاف، ولم يتم الاتفاق على مصطلح بديل حتى تاريخ كتابة هذا المقال. يُطلق بعض الأطباء على هذه الحالة “متلازمة ما بعد الغمر” أو “الغرق المتأخر”. بشكل عام، يستخدم الباحثون والأطباء أحياناً مصطلح الغرق الجاف لوصف الحالات التي تترافق مع تخريش الحنجرة (صندوق الصوت) والطرق الهوائية، بسبب دخول الماء إليها؛ وهو الأمر الذي يتسبب في تشنج الحبال الصوتية وانغلاقها. عندما تتشنج الحنجرة الصوتية وتنغلق الطيات أو الحبال الصوتية قد ينتهي الأمر بالسوائل في أماكن لا يجب أن تذهب إليها، مثل الجيوب الأنفية؛ يعيق ذلك دخول الهواء إلى الرئتين فيصبح التنفس صعباً.

ولشرح الأمر بشكل أكثر تبسيطاً، يحدث الغرق الجاف بعد أن يُغمر مجرى الهواء ويتم إغلاقه بسبب ابتلاع واستنشاق الماء (أو أي سائل آخر) بكثرة، وكرد فعل دفاعي – على الرغم من أن السائل قد لا يصل إلى الرئتين – تبدأ الحبال الصوتية بالانكماش فيما يُعرف بتشنج الحنجرة، هذا التشنج أو الانمكاش يؤدي إلى حدوث صعوبة في التنفس، وبالتالي حرمان الجسم من الأوكسجين بشكل تدريجي، فيبدأ المرء بالاختناق ثم الموت. وبمعنى آخر، هذه الحالة هي رد فعل لا إرادي لجسم الإنسان بعد ابتلاع واستنشاق قدر كبير من المياه أو السوائل، ينغلق فيه الجزء العلوي من المجرى التنفسي ويتوقف عن أداء وظيفته، على الرغم من عدم وصول الماء إلى الرئتين بشكل فعلي.

يحدث الغرق الجاف بشكل رئيسي عند الأطفال؛ وعلى الرغم من أن 95% من الأطفال يكونون على ما يرام (بصحة جيدة) بعد الانزلاق بطريق الخطأ تحت الماء. إلا أن توخي اليقظة، والوعي بأعراض الغرق التي يمكن أن تحدث بعد أن يخرج طفلك من الماء ويبدو آمناً وجافاً، هو أمر هام وضروري. ضع في اعتبارك أن الغرق الجاف هو حالة طبية طارئة تتطلب العناية الطبية الفورية.

ما هي أسباب الغرق الجاف عند الأطفال؟

كما ذكرنا في المقدمة، يُقصد بالغرق الجاف الحالات التي سببت الوفاة بعد أكثر من 24 ساعة من ابتلاع أو استنشاق السوائل، بدون أن تظهر على الضحية أي علامات لوجود مشاكل تنفسية. والسبب الأكثر شيوعاً لحدوث الغرق الجاف عند الأطفال هو الوقوع المفاجئ في الماء أو السباحة والغطس بدون إشراف جيد. على سبيل المثال، عندما لا يكون المسبح مسوراً بشكل صحيح، فقد يقفز الأطفال أو ينزلقون باتجاه المياه بكل بساطة. كما تجدر الإشارة أيضاً إلى أن أعراض الغرق الجاف يمكن أن تحدث عند الرضع والأطفال الصغار بعد الاستحمام خلال بضع دقائق إذا لم يتم الانتباه للطفل بشكل جيد أثناء الاستحمام.

مع أي نوع من أنواع الغرق، يؤدي الغَمر أو الانغماس في السائل إلى نقص في وصول الهواء والأكسجين إلى أعضاء الجسم. سبب الوفاة في أي نوع من أنواع الغرق هو نقص الأكسجين في الدماغ، يحدث هذا سواء كان الماء يملأ الرئتين أم لا. الغرق الجاف على وجه الخصوص يحدث بسبب تشنج الحنجرة؛ عندما يتسبب الماء في تهيج المسالك الهوائية، يمكن أن يحدث تشنج الحنجرة، وهو تشنج في الأَحْبال الصوتية يمنع وصول الماء إلى الرئتين، ولكنه في المقابل يتسبب أيضاً بعدم وصول الهواء والأوكسجين إلى الرئتين؛ الأمر الذي يتسبب بعدم القدرة على التنفس (عدم وصول الماء إلى الرئتين هو السبب في إطلاق مصطلح الغرق الجاف على هذه الحالة).

الأعراض

غرق-جاف

تعتبر معرفة الأعراض والعلامات المتعلقة بمتلازمة الغرق الجاف أمراً هاماً وضرورياً، وخاصةً بالنسبة لـ الآباء. عادةً ما تُلاحظ العلامات التحذيرية لهذه الحالة في غضون ساعة بعد الخروج من الماء. كما أوضحنا أعلاه، يؤدي الغرق الجاف إلى انسداد الأَحْبال الصوتية الموجودة فوق القصبة الهوائية؛ هذا التأثير يسمى تشنج الحنجرة (ينجم عن دخول الماء إليها). يمكن أن يكون تشنج الحنجرة خفيفاً، مما يجعل التنفس صعباً؛ أو قد يكون شديداً، فيمنع أي أكسجين من الدخول إلى الرئتين أو الخروج منها.

تشمل الأعراض التي يجب مراقبتها ما يلي:

  • صعوبة في التنفس أو التحدث.
  • التهيج أو السلوك غير العادي.
  • السعال المستمر.
  • ألم في الصدر.
  • التقيؤ.
  • انخفاض الطاقة أو النعاس بعد الخروج من المياه.

نصيحة توعية: إذا لاحظت أنّ طفلك كان يلعب بحماس في المسبح، والآن يتصرف وكأنه يعاني من الإرهاق. فقد يعني ذلك أنه لا يحصل على كمية كافية من الأكسجين. لا تضعه في الفراش حتى تستشير الطبيب ويمنحك الضوء الأخضر بشأن ذلك.

ضع في اعتبارك أيضاً أنه وفي حال كان طفلك يعاني من صعوبة في التنفس، فقد لا يتمكن من التحدث أو من التعبير عن أعراضه. لهذا السبب من المهم مراقبة طفلك بعناية بعد الخروج من المياه للتأكد من أنه يتنفس بحرية.

ما الفرق بين الغرق الجاف والغرق الثانوي؟

يعتبر كل من الغرق الجاف والغرق الثانوي من الحالات الصحية الخطيرة التي يمكن أن تكون قاتلة، وكلاهما ينجمان عن الإصابات التي تحدث تحت الماء. يحدث الغرق الجاف عندما يستنشق الطفل الماء من خلال الأنف أو الفم، مما يتسبب في حدوث تشنج في مجرى الهواء وصعوبة في التنفس، يبدأ بعد أقل من ساعة من استنشاق الماء. يُطلق على الغرق اسم “جاف” لأن الماء لا يدخل الرئتين، بسبب تشنج (إغلاق منعكس) الأَحْبال الصوتية، وقد تحدث الوفاة بسبب عدم ارتخاء الأَحْبال الصوتية، مما يمنع الهواء من دخول الرئتين.

بينما يحدث الغرق الثانوي أو “المتأخر” عندما يستنشق الطفل الماء إلى الرئتين (تراكم الماء في الرئتين)، مما يسبب التهاباً أو وذمة (تورم). ويمكن أن تحدث هذه الوذمة بعد ساعات أو حتى أيام من التلامس الأولي مع الماء. يرجع سبب الوفاة في الغرق المتأخر إلى تورم الأكياس الهوائية الصغيرة في الرئتين (مكان حدوث عملية تبادل الغازات بين الأكياس الرئوية والدم)، الأمر الذي يمنع الأكسجين من دخول مجرى الدم. إنه يشبه إلى حد كبير “الغرق الحقيقي”، لأنه ينطوي على امتلاء رئتيك بالماء.

الغرق الجاف عند الكبار

الأماكن الأكثر شيوعاً التي يمكن أن يغرق فيها البالغون هي الأنهار أو البحيرات أو المحيطات. بشكل عام، يزداد خطر الغرق عند البالغين في بعض الحالات مثل:

  • الذعر عند السباحة.
  • تعاطي الكحول أو المخدرات قبل أو أثناء الوجود في الماء.
  • إصابات الرأس كما يحدث عند الغوص في المياه الضحلة.
  • السباحة بعيداً عن الشاطئ أو في المياه القاسية.

التشخيص

قد يقوم الطبيب بإجراء عدة فحوصات طبية عند الشك بحدوث ما يسمى الغرق الجاف، وأهم الفحوصات التي يطلبها الأطباء عادةً لتشخيص هذه الحالة هي:

  • اختبار تشبع الأكسجين لتقييم مدى جودة التنفس بسرعة.
  • تصوير الصدر بالأشعة السينية: حيث يمكن أن يساعد ذلك في تحديد وجود الماء في الرئتين؛ كما يمكن للتصوير بالأشعة السينية أيضاً تحديد ما إذا كان هناك وذمة الرئة، وهي سوائل زائدة في الرئتين يمكن أن تتطور بسبب تلف الرئة.

علاج الغرق الجاف

طفل-يسبح-تحت-الماء

سارع إلى طلب المساعدة الطبية الطارئة – بدون تأخير – إذا لاحظت أي من العلامات التحذيرية المذكورة أعلاه (أعراض الغرق الجاف) على أي شخص (طفل أو بالغ) بعد خروجه من المياه. خلال ذلك، حاول أن تحافظ على هدوءك أنت وطفلك، فالحفاظ على الهدوء يمكن أن يساعد عضلات القصبة الهوائية على الاسترخاء بسرعة أكبر.

بمجرد وصول المساعدة الطارئة، قد يقوم الفريق الطبي بعملية الإنعاش في مكان الحادث إذا كان شخص ما قد أغمي عليه بسبب نقص الأكسجين. وبمجرد استقرار حالة الشخص المصاب، سيتم نقله إلى المستشفى للمراقبة. تتطلب الإصابة بأعراض الغرق الجاف بعد حادث الغمر مراقبة طبية، وذلك للتأكد من استئناف التنفس المنتظم واستبعاد الحالات الأخرى، مثل الغرق الثانوي أو الالتهاب الرئوي الجرثومي (ذات الرئة).

إذا كانت جميع العلامات الحيوية طبيعية، فعادةً ما يقوم أخصائيو الرعاية الصحية بمراقبة الشخص المصاب لحوالي 4 – 6 ساعات، ثم السماح له بمغادرة قسم الطوارئ. قد يكون من الضروري إجراء أشعة سينية على الصدر أو تقييم من قبل أخصائي أمراض الرئة لاستبعاد وجود الماء في الرئتين.

كيف يمكن الوقاية من حدوث الغرق الجاف؟

في حالة الأطفال الذين تبلغ أعمارهم سنتين أو أقل، فإن أي غمر بالمياه يمثل خطراً كبيراً على حياتهم. فحتى لو بقي الطفل تحت الماء لمدة دقيقة أو دقيقتين فقط، عليك اصطحابه مباشرة إلى غرفة الطوارئ بعد الذعر الذي ألم به نتيجةً لبلع المياه.

بصفة عامة، تتضمن بعض النصائح التي يمكن اتباعها لمنع حدوث الغرق الجاف كل مما يلي:

  • الإشراف المباشر على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 4 سنوات عند السباحة في أي مسطح مائي ومهما بلغت كمية المياه الموجودة فيه، حتى حمامات السباحة المنزلية، أو عند استخدام حوض الاستحمام.
  • السباحة فقط في المناطق الخاضعة للإشراف مع ضرورة وجود منقذ في الخدمة.
  • السباحة مع الإشراف في مناطق معينة من البحيرات أو الشواطئ.
  • إبعاد الرضع والأطفال الصغار عن أي مياه راكدة.
  • الإشراف على الرضع والأطفال الصغار عند الشرب.
  • ارتداء سترات النجاة عند ممارسة الرياضات المائية.
  • تلقي دروس في السباحة، وتعليم الأطفال السباحة منذ الصغر.
  • تسييج حمامات السباحة الخاصة.
  • إبقاء بوابات المسبح مغلقة عندما لا يكون المسبح قيد الاستخدام.
  • تعلم الإنعاش القلبي الرئوي والسلامة المائية في حالة الإشراف المتكرر على الآخرين أثناء السباحة.
  • تجنب السباحة المنفردة (لا تسبح وحدك).
  • عدم الاقتراب من الماء عند شرب الكحول أو تعاطي المخدرات.
  • إزالة السلالم من على حمامات السباحة المطاطية (القابلة للنفخ) عندما لا يكون المسبح قيد الاستخدام.
  • عدم السير على البحيرات المتجمدة.

الخلاصة

الغرق الجاف مصطلح قديم، استخدمه البعض لوصف مشاكل التنفس التي تحدث عندما يتسبب الماء في تشنج الحنجرة. يعتمد الإنذار لدى الذين يعانون مما يسمى بالغرق الجاف على شدة الأعراض ومدتها. فكلما طالت مدة عدم قدرة الشخص على التنفس، زادت خطورة إصاباته وزاد خطر الوفاة.

إذا ظهرت على الشخص أعراض مثل صعوبة في التنفس أو نقص في الأكسجين، فإن تلقي الرعاية الطبية على الفور سيزيد من فرصته في البقاء على قيد الحياة. التزم دائماً بتدابير السلامة المائية، وأشرف على الأطفال في حمامات السباحة أو أحواض الاستحمام الساخنة، وعلى الشواطئ، وبجوار المسطحات المائية الأخرى.

مصدر What is dry drowning and what are the symptoms? What Is Dry Drowning? What Is Dry Drowning?
اترك تعليقا