هل ينتقل فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” في الهواء ؟ يختلف الخبراء !!

قد يعيش فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" لساعات خارج جسم الإنسان على أسطح مختلفة أو حتى في الهواء

0

تقول منظمة الصحة العالمية إن الأدلة ليست حاسمة بعد فيما يخص انتقال فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” من خلال الهواء ، و يحذر العلماء من أن جمع البيانات الكافية قد يستغرق سنوات ويكلف أرواحا .

 حسم الجدل حول انتقال فيروس كورونا المستجد في الهواء !

  منذ أن كشفت التقارير المبكرة أن فيروساً تاجيا جديدا ينتشر بسرعة بين البشر ،يحاول الباحثون تحديد ما إذا كان يمكن أن ينتقل عبر الهواء . 

يقول مسؤولو الصحة إن الفيروس لا ينتقل إلا عن طريق الرذاذ المنتشر حين تسعل أو تعطس – إما مباشرة أو على الأشياء . كورونا-المستجد

لكن بعض العلماء يقول إن هناك أدلة أولية على أن انتقاله عبر الهواء – أي انتقاله بواسطة الجسيمات الأصغر بكثير من الرذاذ ،والمحمولة في هواء الزفير المعروفة باسم الهباء الجوي (الايروسول) – قد تَكّرر حدوثه ،

وأنه يجب اتخاذ احتياطات، مثل زيادة التهوية داخل المنازل ،للحد من خطر من العدوى .

الهباء الجوي ( الايروسول ) يتكون من :

  • جزيئات دقيقة جدا عالقة في الهواء ، (تسمى أيضا بالضبائب أو الذريرات المادية المعلقة) ،و هي مواد صلبة غير غازية عضوية ولا عضوية . 
  • عناصر معدنية وقطيرات وخثرات حمضية و هيدروكربونية .
  • جزيئات دخان من مختلف الأصناف والأحجام .

في موجز علمي نشر على موقعها الإلكتروني في 27 مارس ،

قالت منظمة الصحة العالمية إنه لا توجد أدلة كافية تشير إلى أن SARS-CoV-2 ( فيروس كورونا المستجد ) محمول في الهواء ،

باستثناء بضع من الحالات ضمن السياق الطبي ، مثل أثناء تنبيب مريض مصاب .

لكن الخبراء الذين يعملون على أمراض الجهاز التنفسي والهباء الجوي يقولون إن جمع أدلة لا لبس فيها على انتقاله عبر الهواء يمكن أن يستغرق سنوات ويكلف المزيد من الأرواح . 

وفي هذا الصدد يقول مايكل أوسترهولم ،اختصاصي علم الأوبئة والأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا في مينيابوليس ، إنه لا يجب أن نرى الجانب السيء فقط ،وإنه علينا “ألا نترك المُقنع من الأشياء من أجل الكامل والمريح منها”.

تقول عالمة الهباء الجوي ليديا موراوسكا من جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا في بريسبان ،أستراليا : 

“في ذهن العلماء الذين يعملون على هذا الأمر ،ليس هناك شك على الإطلاق في أن الفيروس محمول في الهواء ، بل إنه بديهي”.

 

تعريفات مربكة

عندما يقول مسؤولو الصحة العامة أنه لا توجد أدلة كافية للقول بأن COVID-19 محمول في الهواء ،فإنهم يعنون على وجه التحديد انتقاله بواسطة الهباء الجوي الحامل للفيروسات الذي يقل قطر جزيئاته عن 5 ميكرومتر . رجل-بالقناع

بالمقارنة مع قطرات الرذاذ ، ( التي تعتبر ثقيلة ويعتقد أنها تسافر لمسافات قصيرة فقط – بعد أن يسعل شخص ما أو يعطس – قبل السقوط على الأرض أو على أسطح أخرى ) ، يمكن أن تتسكع جزيئات الهباء الجوي في الهواء لفترة أطول و أن تسافر إلى أبعد .

يقول بن كاولينغ ، عالم الأوبئة في جامعة هونغ كونغ ،إن معظم حالات الانتقال تحدث من مسافة قريبة.

ولكن التمييز بين قطيرات الرذاذ وجزيئات الهباء الجوي غير مفيد لأن :

“الجسيمات التي تخرج حاملة الفيروس يمكن أن تكون بنطاق واسع من الأحجام ، من الكبيرة جدًا جدًا ووصولاً إلى جزيئات الهباء الجوي الدقيقة”

بن كاولينغ

وإذا كان SARS-CoV-2 ينتقل مع الهباء الجوي ، فمن الممكن أن تتراكم جزيئات الفيروس بمرور الوقت في الأماكن المغلقة أو تنتقل لمسافات أكبر .

يقول عالم الفيروسات جوليان تانغ من جامعة ليستر بالمملكة المتحدة ،إن من المرجح أن الهباء الجوي ينتقل عن طريق التحدث والتنفس ،مما قد يشكل خطرًا أكبر من العطس والسعال. 

يقول: “عندما يسعل شخص ما أو يعطس ، فإنه يبتعد جانبا ، لكن ليس هذا هو الحال عندما نتحدث ونتنفس”.

وجدت دراسة أجريت على الأشخاص المصابين بالإنفلونزا أن 39٪ منهم أطلقوا الهباء الجوي المعدي مع الزفير . 

يقول تانغ ،طالما أننا نتشارك مجالًا جويًا مع شخص آخر ،ونتنفس الهواء الذي يزفرونه ،فإن الانتقال عبر الهواء سيصبح أمرا ممكنا.

 

الأدلة إلى حد الآن

إن الأدلة المستخلصة من الدراسات الأولية والتقارير الميدانية حول أن – SARS-CoV – 2 ينتشر في الهباء الجوي مختلطة . 

في ذروة تفشي الفيروس التاجي في ووهان الصين ، جمع عالم الفيروسات “كي لان” من جامعة ووهان عينات من الهباء الجوي داخل / وحول المستشفيات التي تعالج المصابين بـ COVID-19 ، وكذلك من المداخل المزدحمة لمتجرين كبيرين.

في دراسة أولية لم تتم مراجعتها ،أبلغ لان وزملاؤه عن العثور على الحمض الريبي النووي (RNA) الفيروسي للـ SARS-CoV – 2 في عدد من المواقع، بما في ذلك المتاجر الكبرى .

لم تحدد الدراسة ما إذا كانت عينات الهباء الجوي التي تم جمعها قادرة على إصابة الخلايا. 

ولكن، في رسالة بريد إلكتروني إلى موقعنا، يقول “لان” إن العمل يوضح أنه :

“أثناء التنفس أو التحدث، قد يحدث انتقال للهباء الجوي الحامل لـ SARS-CoV-2 ويؤثر على الأشخاص القريبين والبعيدين عن المصدر” 

كي لان من جامعة ووهان

وإنه كإجراء وقائي ،يجب أن يتجنب عامة الناس الازدحام ،كما يُكتب، ويجب عليهم أيضًا ارتداء الأقنعة ،للحد من خطر التعرض للفيروسات المحمولة جواً .كمامات-الطبية

فشلت دراسة أخرى في العثور على أدلة لوجود فيروس كورونا المستجد في عينات الهواء من غرف العزل في مركز تفشي المرض المخصص لعلاج الأشخاص المصابين بـ الكوفيد-19 في سنغافورة . 

أظهرت عينات سطحية من مروحة مخرج الهواء نتيجة إيجابية لوجوده ،

لكن اثنين من مؤلفي الدراسة – كاليسفار ماريموثو و أون تيك نغ في المركز الوطني للأمراض المعدية في سنغافورة – أخبروا موقعنا في بريد إلكتروني أن المخرج كان قريبا بما فيه الكفاية من شخص مصاب بـ الكوفيد-19 ويمكن أن يكون ملوثًا برذاذ الجهاز التنفسي له من السعال أو العطس .

وجدت دراسة مماثلة أجراها باحثون في نبراسكا الحمض النووي الريبي الفيروسي فيما يقرب من ثلثي عينات الهواء التي تم جمعها من غرف العزل في مستشفى يعالج الأشخاص الذين يعانون من كوفيد-19 الشديد ،

و من منشأة الحجر الصحي التي تضم مصابين بعدوى خفيفة . 

اختبار الأسطح في شبكات التهوية أظهر نتائج إيجابية 

لم يكن أي من عينات الهواء معديًا لدى زراعة الخلايا، لكن البيانات تشير إلى أن :

“جزيئات الهباء الجوي الفيروسي تنتج من قبل الأفراد الذين يعانون من مرض COVID-19، حتى في حالة عدم حدوث السعال” بحسب المؤلفين .

كتبت منظمة الصحة العالمية في موجزها العلمي الأخير ، أن دليل الحمض النووي الريبي الفيروسي لا يشير إلى فيروس قابل للحياة وبالتالي لا يمكن له أن ينتقل

يشير الموجز أيضًا إلى تقييم المنظمة الخاص لأكثر من 75000 حالة اصابة بـ فيروس كورونا المستجد من الصين ، والتي لم تُبَلِغ عن العثور على انتقال جوي . رجل-يعقم

لكن بن كولينج يقول إنه “لم يكن هناك الكثير من الأدلة المقدمة لدعم التقييم”، وغياب الأدلة لا يعني أن الفيروس ليس محمولًا في الهواء

( لم تجب منظمة الصحة العالمية على أسئلة موقعنا حول الأدلة في الوقت المناسب لنشر هذا المقال !! )

أظهر علماء المختبر في الولايات المتحدة أن الفيروس يمكن أن يعيش في الهباء الجوي ويبقى معديًا لمدة 3 ساعات على الأقل . 

على الرغم من أن الظروف في الدراسة كانت “مصطنعة للغاية”، إلا أنه من المحتمل أن يكون هناك “خطر لا يساوي صفرا من انتشار بعيد المدى في الهواء للفيروس”،

كما يقول المؤلف المشارك جيمي لويد سميث ،باحث الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس .

 

فجوات يجب سدها

يعتقد ليو بون ، عالِم الفيروسات بجامعة هونج كونج ،

أنه لا يوجد دليل كافٍ حتى الآن على القول بأن SARS-CoV-2 محمول جواً . 

ويود أن يرى التجارب التي تبين أن الفيروس معدي عن طريق قطرات رذاذ بأحجام مختلفة .

يقول لويد سميث إنه من غير المحسوم ما إذا كان الأشخاص المصابون بـ COVID-19 ينتجون ما يكفي من الهباء الجوي المحمل بالفيروسات لتشكيل خطر أم لا . 

يقول إن أخذ عينات من الهواء قرب الناس عندما يتحدثون ويتنفسون و يسعلون و يعطسون – واختبار وجود فيروس قابل للحياة في تلك العينات – سيكون جزءًا كبيرًا آخر من اللغز . 

فشلت إحدى هذه الاختبارات في الكشف عن الحمض النووي الريبي الفيروسي في الهواء الذي تم جمعه من مجال 10 سنتيمترات أمام شخص مصاب بـ COVID-19 والذي كان يتنفس ويتحدث ويسعل ،

لكن المؤلفين لم يستبعدوا الانتقال الجوي تمامًا بعد .

الجرعة المعدية :

هناك شيء آخر غير معروف وهو الجرعة المعدية ( عدد جزيئات SARS-CoV-2 اللازمة لإحداث عدوى )، حسب قول لويد سميث. 

حيث يقول :

“إذا كنت تتنفس جزيئات هباء محملة بالفيروس، فنحن لا نعرف ما هي الجرعة المعدية التي تحمل فرصة كبيرة للإصابة” 

د .لويد سميث

إن تجربة الحصول على قيمة معينة – تعريض الأشخاص عن عمد وقياس معدل الإصابة بجرعات مختلفة – ستكون غير أخلاقية نظرًا لخطورة المرض .

يقول تانغ، مهما كانت الجرعة المعدية ،فإن طول التعرض ربما يكون عاملاً مهمًا أيضًا

قد لا ينتج عن كل نفس الكثير من الفيروسات ، حيث يضيف لويد سميث : 

“إذا كنت تقف بجانب شخص مصاب ،و تشترك في نفس المجال الجوي معه لمدة 45 دقيقة ، فسوف تستنشق ما يكفي من الفيروس لتسبيب العدوى”.التباعد-الاجتماعي

ولكن التقاط هذه التركيزات الصغيرة من الهباء الجوي ،التي يمكن أن تتطور إلى جرعة معدية بمرور الوقت ( بالأخذ بعين الاعتبار المزيج الصحيح من تدفق الهواء والرطوبة ودرجة الحرارة) أمر بالغ الصعوبة ،كما تقول موراوسكا. 

و تضيف الطبيبة الاسترالية :

“يمكننا القول إننا بحاجة إلى مزيد من البيانات، ولكن يجب أن نعترف بعد ذلك بصعوبة جمع هذه البيانات”.

 

مقاربات حذرة

يقول تانغ : يكون الافتراض بأن الانتقال المحمول جوًا ممكنًا ما لم يستبعده الدليل التجريبي و ليس العكس .

بهذه الطريقة يمكن للناس اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية أنفسهم .

فيما تقول موراوسكا إن زيادة التهوية داخل المنازل وعدم إعادة تدوير الهواء يمكن أن تؤدي إلى حد ما إلى ضمان تخفيف الهباء الجوي المعدي وطرده . 

وتقول إنه يجب حظر الاجتماعات الداخلية تحسبا لأي انتقال .

وفي الوقت نفسه ،يدعو الدكتور ” لان ” وخبراء آخرون الناس إلى ارتداء أقنعة لتقليل انتقال العدوى . 

الأقنعة موجودة في كل مكان في العديد من البلدان في آسيا. 

لكن في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية ،لم يشجع مسؤولو الصحة الناس على ارتدائها، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الإمدادات منها منخفضة ويحتاجها عمال الرعاية الصحية أكثر . 

لكن الجمهورية التشيكية وسلوفاكيا تفرضان على الناس ارتداء أقنعة خارج المنزل. 

يعتقد تانغ أن تلك الدول قد اتخذت النهج الصحيح. 

“إنهم يتبعون نهج جنوب شرق آسيا ،إذا كان بإمكان الجميع إخفاء وجوههم، فهذه حماية مزدوجة ذات نفع مضاعف”

لكن كاولينغ يعتقد أنه لا ينبغي التوصية بالأقنعة للناس إلا بعد تأمين الإمدادات للعاملين في مجال الرعاية الصحية، وللأشخاص الذين يعانون من الأعراض، وللسكان الضعفاء مثل كبار السن.

المصدر :

مجلة نيتشر 

اترك تعليقا