ألم العضلات الروماتزمي (PMR)

"Polymyalgia rheumatica"

0

ألم العضلات الروماتزمي (PMR) هو اضطراب التهابي يؤثر على بطانة المفاصل أو المنطقة حول المفاصل، وفي حالات نادرة، يؤثر على الشرايين. يُسبب هذا الاضطراب آلام العضلات وتيبسها، خاصة في الكتفين وأعلى الظهر أو الوركين. عادةً ما تبدأ علامات وأعراض ألم العضلات الروماتزمي بسرعة ودائماً ما تكون أسوأ في الصباح.

ترتبط هذه الحالة بحالة التهابية أخرى تسمى الْتِهابُ الشِّرْيانِ الصُّدْغِيّ أو التهاب الشريان ذو الخلايا العملاقة (temporal arteritis)، والتي تتسبب بالتهاب الأوعية الدموية في فروة الرأس والرقبة والذراعين. إذا ترك دون علاج، يمكن أن يسبب التهاب الشرايين الصدغي صعوبات في الرؤية (قد تصل لحد العمى)، آلام في الفك، الصداع، والألم في فروة الرأس.

عادةً ما يصيب ألم العضلات الروماتزمي (PMR) الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً. ونادراً ما يصيب الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً. قد يستمر  من سنة إلى خمس سنوات؛ ومع ذلك، تختلف المدة من شخص لآخر. تجدر الإشارة إلى أن (PMR) يختلف عن الألم العضلي الليفي حيث أن الأخير لا يسبب التهاباً.

ما هي أعراض ألم العضلات الروماتزمي؟

تيبس-الارداف

يعد الألم والتيبس في الرقبة والكتفين من أكثر الأعراض شيوعاً. قد ينتشر الألم والتيبس تدريجياً إلى مناطق أخرى، مثل الكتفين والوركين والفخذين. عادةً ما تصيب هذه الأعراض كلا الجانبين في الجسم. تشمل الأعراض الشائعة الأخرى لألم العضلات الروماتزمي ما يلي:

  • تيبس حول الكتفين والأرداف خاصة في الصباح وبعد فترات الراحة.
  • فقدان الشهية.
  • فقدان الوزن المفاجئ وغير المقصود.
  • توعك وإعياء.
  • فقر دم.
  • كآبة.
  • حمى منخفضة.
  • محدودية الحركة.

تتطور أعراض ألم العضلات الروماتزمي بسرعة، عادةً على مدى عدة أيام. في بعض الحالات، قد تظهر الأعراض بين عشية وضحاها، وتميل إلى أن تكون أسوأ في الصباح وتتحسن تدريجياً على مدار اليوم. قد تجد أن عدم النشاط أو البقاء في وضع واحد لفترة طويلة من الوقت يمكن أن يزيد الأعراض سوءاً. حدوث تصلب أو تيبس في منطقتين من الجسم على الأقل من أكثر الأعراض شيوعاً وانتشاراً بين المصابين، وتشمل المناطق المصابة عادةً الأرداف والوركين والرقبة والفخذين والذراعين والكتفين. قد يصبح الألم والتيبس في النهاية شديدين لدرجة أنك تواجه صعوبة في أداء الأنشطة اليومية، مثل النهوض من كرسي منخفض أو ارتداء الملابس أو ركوب السيارة. وفي بعض الأحيان، يمكن أن تؤدي أعراض ألم العضلات الروماتزمي إلى صعوبات في النوم.

قد يحدث PMR أيضاً مع حالة خطيرة أخرى تسمى التهاب الشريان ذو الخلايا العملاقة (التهاب الشريان الصدغي)، والذي يمكن أن يكون خطيراً. الصداع الحديث والمستمر – خاصة على جانب الرأس – ألم فروة الرأس أو تغيرات في الرؤية أو ألم الفك عند تناول الطعام هي علامات تدل على الإصابة بهذه الحالة. بالإضافة إلى ذلك، قد يحدث تورم في اليدين والساعدين والقدمين، على الرغم من أنها غير شائعة. كما قد تحدث أيضاً أعراض متلازمة النفق الرسغي، والتي تشمل الوخز والضعف في اليد والرسغ والذراع.

ما هي أسباب ألم العضلات الروماتزمي ؟

إنّ سبب التهاب العضلات الروماتزمي الدقيق غير معروف ولكن يعتقد أنه أحد أمراض المناعة الذاتية حيث يهاجم جهاز المناعة في الجسم الأنسجة السليمة. يُعتقد أن العوامل الجينية إلى جانب البيئية (مثل العدوى الفيروسية) تلعب أدواراً مهمة. وفقاً لـ مايو كلينك تلعب العوامل التالية دوراً في الإصابة بالتهاب العضلات الروماتزمي:

  • الوراثة: قد يزيد احتمال إصابتك بالتهاب العضلات الروماتزمي نتيجة امتلاكك جينات معينة.
  • التعرض البيئي: تميل الحالات الجديدة من آلام العضلات الروماتيزمية إلى الظهور في دورات، وربما تتطور بشكل موسمي. يشير هذا إلى أن العامل البيئي، قد يلعب دوراً.
  • الْتِهابُ الشِّرْيانِ الصُّدْغِيّ: يشترك ألم العضلات الروماتيزمي ومرض آخر يعرف باسم التهاب الشريان ذو الخلايا العملاقة أو الْتِهابُ الشِّرْيانِ الصُّدْغِيّ في العديد من أوجه التشابه. يعاني العديد من الأشخاص المصابين بأحد هذين المرضين من أعراض أخرى أيضاً. ينتج عن التهاب الشريان ذو الخلايا العملاقة التهاب بطانة الشرايين، وغالباً ما تكون الشرايين الموجودة في الصدغ. تشمل العلامات والأعراض كل من الصداع وألم الفك ومشاكل في الرؤية وألم في فروة الرأس. إذا تُركت دون علاج، يمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى السكتة الدماغية أو العمى.

عوامل الخطر

تتضمن عوامل خطر الإصابة بألم العضلات الروماتزمي ما يلي:

  • العمر: يصيب ألم العضلات الروماتزمي كبار السن بشكل شبه حصري. غالباً ما يحدث بين سن 70 و 80.
  • الجنس: النساء أكثر عرضة للإصابة بحوالي مرتين إلى ثلاث مرات.
  • العرق: يعتبر ألم العضلات الروماتزمي أكثر شيوعاً بين الأشخاص البيض الذين كان أسلافهم من الدول الاسكندنافية أو شمال أوروبا. على الرغم من أنه يمكن أن يحدث في جميع المجموعات العرقية.

كيف يتم تشخيص ألم العضلات الروماتزمي؟

التهاب-المفاصل-الرثوي

يمكن أن تكون أعراض ألم العضلات الروماتزمي مماثلة لأعراض حالات التهابية أخرى، بما في ذلك الذئبة والتهاب المفاصل الرثوي. لإجراء تشخيص دقيق، سيقوم طبيبك بإجراء فحص جسدي وإجراء العديد من الاختبارات للتحقق من وجود التهاب. أثناء الفحص، قد يحرك طبيبك رقبتك وذراعيك وساقيك برفق لتقييم نطاق حركتك. في حال الشك بالإصابة بألم العضلات الروماتزمي، فسيطلب الطبيب اختبارات الدم للتحقق من علامات الالتهاب في جسمك وتشمل هذه الاختبارات:

  • أضداد ببتيدات السيترولين الحلقية (Anti-CCP): يُكتشف هذا الضد عند الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل الرثياني أو التهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid arthritis).
  • الأجسام المضادة للنواة (ANA): اختبار قد يشير إلى وجود مرض الذئبة، أو مرض جوغرن، أو أمراض المناعة الذاتية الأخرى.
  • العامل الرثوي RF: اختبار يستخدم لتشخيص التهاب المفاصل الرثياني.
  • تعداد الدم الكامل (CBC): يقيم خلايا الدم البيضاء وخلايا الدم الحمراء ومستويات الصفائح الدموية.
  • هرمون الغدة الدرقية TSH: اختبار الدم لتقييم مدى جودة عمل الغدة الدرقية.
  • الكرياتينين كيناز (CK): اختبار دم آخر للبحث عن أذية العضلات.
  • معدل ترسيب كرات الدم الحمراء (ESR) ومستويات البروتين التفاعلي سي (CRP): يشير معدل الترسيب المرتفع بشكل غير طبيعي ومستويات البروتين المتفاعل C المرتفعة إلى وجود التهاب، إن وجود الالتهاب وحده لن يؤكد تشخيص ألم العضلات الروماتزمي. ولكن الالتهاب هو سمة للعديد من الحالات الأخرى، بما في ذلك التهابات الأنسجة والتهاب المفاصل الرثياني، لذلك قد يقوم طبيبك ببعض الاختبارات للبحث عن علامات لحالات أخرى.
  • إذا تم استبعاد العدوى النشطة؛ قد يحدد طبيبك أيضاً موعداً لإجراء فحص بالموجات فوق الصوتية للتحقق من وجود التهاب في المفاصل والأنسجة.
  • يمكن استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتحديد الأسباب الأخرى لألم الكتف، مثل التهاب المفاصل التنكسي.
  • قد يطلب الطبيب أحياناً إجراء خزعة، وخاصةً عند الشك بوجود التهاب أوعية.

العلاج:

يعتمد علاج التهاب العضلات الروماتزمي على تقليل الألم والالتهاب وتخفيف التصلب والأوجاع والتعب والحمى. ويشمل العلاج الأدوية المضادة للالتهابات وزيادة النشاط أو ممارسة التمارين باستمرار.

الكورتيكوستيرويدات (corticosteroid) هي أدوية قوية مضادة للالتهابات تساعد في تقليل الالتهاب وتخفيف التيبس والألم؛ في الواقع، هذه الأدوية تعتبر الدعامة الأساسية لعلاج PMR. قد تختفي أعراضك تقريباً بعد أربعة أسابيع من العلاج بالستيروئيد. ومع ذلك، يحتاج العلاج عادة إلى الاستمرار لمدة تصل إلى عامين، أو لفترة أطول في بعض الأحيان، وذلك لمنع عودة الأعراض مرة أخرى.

ألم-العضلات-الروماتزمي-

ويمكن أن تشمل الآثار الجانبية المحتملة لهذه الأدوية زيادة الوزن وحالة هشاشة العظام، والتي يمكن أن تجعل عظام الأشخاص أكثر نحافة وهشاشة، وبالتالي قد تتكسر بسهولة أكبر. هناك مجموعات من الأشخاص يمكن أن يكونوا أكثر عرضة لخطر الآثار الجانبية، بما في ذلك أولئك الذين لديهم:

  • داء السكري.
  • ضغط دم مرتفع.
  • كِسر حديث.
  • قرحة هضمية.
  • السَّاد (إعتام عدسة العين).
  • الزَرَق، المياه الزرقاء أو الجلوكوما.
  • زيادة في الوزن.

إذا كنت ضمن إحدى المجموعات السابقة، فسيتحدث طبيبك معك عن الأدوية التي يمكن وصفها جنباً إلى جنب مع الستيروئيدات لتقليل أي مخاطر. ويجب ألا تتوقف عن تناول أقراص الستيروئيد فجأة أو تغير الجرعة ما لم ينصحك طبيبك، حتى إذا اختفت الأعراض تماماً. هذا لأن جسمك يتوقف عن إنتاج الستيروئيدات الخاصة به، والتي تسمى الكورتيزول، أثناء تناول أقراص الستيروئيد. حيث أن جسمك سيحتاج إلى بعض الوقت لاستئناف الإنتاج الطبيعي للستيروئيدات الطبيعية عند تقليل الدواء أو إيقافه.

من ناحية أخرى، يتم علاج الحالات الخفيفة من PMR بالعقاقير المضادة للالتهابات (NSAIDs)، مثل نابروكسين (naproxen) وايبوبروفين (ibuprofen)، لتخفيف الأعراض. كما تجدر الإشارة إلى أن ممارسة التمارين والراحة يلعبان أدواراً مهمة في العلاج. التمرين المنتظم ضروري للحفاظ على مرونة المفاصل وقوة العضلات ووظيفتها. تشمل الأشكال الجيدة من التمارين: المشي وركوب دراجة ثابتة وتمارين حمام السباحة. بالإضافة إلى أن الراحة ضرورية أيضاً لمنح الجسم وقتاً للتعافي.

المضاعفات

في حين أن PMR مرض قابل للعلاج، قد تحدث مضاعفات نتيجة استخدام الستيروئيد على المدى الطويل. تشمل هذه المضاعفات:

  • الأرق.
  • ارتفاع مستويات السكر في الدم.
  • ضغط دم مرتفع.
  • زيادة الوزن.
  • السَّاد.
  • هشاشة العظام وترقق الجلد.
  • كدمات.
  • القلق أو الإثارة.

في حال الإصابة بالتهاب الشريان ذو الخلايا العملاقة كاختلاط للإصابة بألم العضلات الروماتزمي، فقد يؤدي ذلك إلى مضاعفات، مثل: العمى، وتضيق الأوعية الدموية. وتجدر الإشارة إلى أنه من الضروري أن يبلغ أولئك الذين تم تشخيصهم بمرض PMR على الفور عن ظهور أي صداع جديد، أو تغيرات بصرية، أو آلام في الفك، حتى يمكن تقييمهم وعلاجهم من التهاب الشريان ذو الخلايا العملاقة.

التعايش مع ألم العضلات الروماتزمي

ممارسة-التمارين-الرياضية-لكبار-السن

عادة ما يكون العلاج بالستيروئيد فعالاً جداً في علاج ألم العضلات الروماتزمي. ومع ذلك، نظراً لأنه يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام، فمن المهم التفكير في عوامل الخطر الأخرى المرتبطة بهذه الحالة:

  • الإقلاع عن التدخين والكحول، يؤدي التدخين أو شرب الكثير من الكحول إلى زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام.
  • الحرص على الحصول على ما يكفي من الكالسيوم وفيتامين د، إلى جانب ممارسة بعض تمارين تحمل الوزن، سيقلل من خطر الإصابة بهشاشة العظام.
  • الحفاظ على النشاط: إذا كنت تعاني من ألم العضلات الروماتزمي، فستحتاج إلى إيجاد التوازن الصحيح بين الراحة والنشاط. من المحتمل أن يؤدي الإفراط في ممارسة التمارين الرياضية إلى تفاقم الأعراض، ولكن عادةً ما يساعد النشاط على تخفيف الألم وتيبس عضلات الكتفين والوركين والفخذين.
  • يمكن أن يساعد العلاج الطبيعي، بما في ذلك مجموعة من تمارين الكتفين، في تقليل الألم والحفاظ على الحركة. تعتبر تمارين تحمل الوزن مفيدة للحفاظ على قوة العظام وتقليل خطر الإصابة بهشاشة العظام. أمثلة على هذه التمارين الركض أو المشي أو التنس أو الرقص أو رفع الأثقال.
  • قد يتسبب الجلوس لفترة طويلة في حدوث تصلب، مما يجعل الأنشطة مثل قيادة السيارة أكثر صعوبة. توقف من وقت لآخر إذا كنت في رحلة طويلة لتمديد كتفيك وذراعيك ورجليك.
  • يمكن أن تساعد الإجراءات البسيطة مثل الاستحمام بالماء الساخن في تخفيف الألم والتيبس، سواء كان ذلك أول شيء في الصباح أو بعد التمرين.
  • النظام الغذائي: العلاج بالستيروئيد يقلل من كمية الكالسيوم في الجسم. إذا كنت تتناول علاجاً بالستيروئيد، فمن المستحسن أن تستهدف تناول 700-1200مغ من الكالسيوم يومياً. يجب أن يكفي نصف لتر من الحليب يومياً مع كمية معقولة من الأطعمة الأخرى التي تحتوي على الكالسيوم.
  • فيتامين د: فيتامين د ضروري لمساعدة الجسم على امتصاص الكالسيوم. أفضل مصدر له هو أشعة الشمس. لكن أحياناً أشعة الشمس ليست جيدة لنحصل على ما يكفي من المستوى المطلوب للفيتامين, ولأنه عنصر غذائي مهم، يُوصى بتناول مكملات فيتامين د في أشهر الخريف والشتاء.

الخلاصة

ألم العضلات الروماتزمي لا يسبب ضرراً دائماً للمفاصل، حيث أن أعراض PMR تتراجع أو تختفي في غضون أيام من بدء العلاج. ولكن بدون علاج قد تختفي الأعراض بعد عام أو قد يستغرق الأمر ما يصل إلى خمس سنوات أو أكثر. تعتبر التغذية السليمة وبعض التمارين والراحة واتباع أنظمة العلاج مهمة لتدبير الحالة. بمجرد زوال التيبس، يمكن للشخص العودة إلى الأنشطة اليومية، بما في ذلك التمارين التي يُسمح القيام بها.

مصدر Polymyalgia Rheumatica Polymyalgia Rheumatica Polymyalgia Rheumatica
اترك تعليقا