التهاب الجنبة

(Pleurisy (Pleuritis

0

يطلق على مرض التهاب الجنبة (Pleurisy) عدة تسميات مختلفة، مثل: ذاتُ الجَنْب، التهاب الغشاء البلوري، والتهاب غشاء الرئة. وهو عبارة عن التهاب (تورم أو تهيج) يصيب طبقات الأنسجة الرقيقة التي تغطي الرئتين، والتي تعرف بـ “الغشاء البلوري” أو “غشاء الجَنب” أو “الجَنبة” (pleura). ألم الصدر الحاد والوخز عند التنفس بعمق هما أكثر أعراضه شيوعاً. في بعض الأحيان قد يشعر المصاب بالألم في الكتف أيضاً. وقد يزداد الألم سوءاً عند السعال أو العَطس أو الحركة.

ما هي الجَنبة (الغشاء البلوري)؟

الجنبة-الغشاء-البلوري

الجَنبة وتسمى أيضاً الغشاء البلوري أو غشاء الجَنب (Pleura). هي عبارة عن غشاء رقيق من الأنسجة يشبه الكيس أو الغلاف ويتكوَّن من طبقتين تحميان الرئتين وتعملان على منع الرئتين من الاحتكاك بالجدار الداخلي لجوف الصدر في كل مرة تتنفس فيها. طبقة تلتف حول الجزء الخارجي من رئتيك، وطبقة تبطن تجويف صدرك من الداخل. وتصنفان على النحو التالي:

  1. الطبقة الداخلية، تعرف بالغشاء البلوري الحشوي (The visceral pleura): تلتف حول الرئتين وتلتصق بشدة بالرئتين بحيث لا يمكن تقشيرها. وهي الطبقة الأكثر حساسية
  2. الطبقة الخارجية، وتعرف بالغشاء البلوري الجداري (The parietal pleura): تبطن الجانب الداخلي من جدار الصدر والمنصف الصدري، وهي الطبقة الأكثر سماكةً و الأكثر متانة.

بين هاتين الطبقتين هناك حيز رفيع أو مساحة ضيقة جداً، يُطلق عليها اسم التجويف الجَنبي (pleural cavity). ويحتوي هذا التجويف في داخله على سائل مُزَّلق خاص يدعى بالسائل الجَنبي أو السائل البلوري (Pleural fluid)، يتم إنتاجه من قبل طبقات الغشاء البلوري نفسها، وهو الذي يسمح لهذه الطبقات بالتحرك والانزلاق بطريقة سلسة.

عادةً، يحتوي التجويف الجَنبي على كمية صغيرة من السائل الجَنبي (حوالي 1-10 مل)، تساعد هذه الكمية طبقتي الغشاء البلوري على الانزلاق بسلاسة عبر بعضهما البعض – بدون احتكاك – بينما تتنفس رئتيك الهواء للداخل والخارج (الشهيق والزفير). وبمعنى آخر، يقوم هذا السائل بتليين أو تشحيم التجويف الجنبي بحيث يمكن أن تنزلق طبقتي الجَنبة ضد بعضهما البعض وضد جدار الصدر بدون احتكاك.

ما هو التهاب الجنبة أو التهاب الغشاء البلوري؟

في الوضع الطبيعي وأثناء عملية التنفس، تعمل الطبقتان الرقيقتان اللتان تشكلان الغشاء البلوري كقطعتين من قماش الساتان الحريري، تنزلقان فوق بعضها البعض بدون أي احتكاك، الأمر الذي يسمح لرئتيك بالتوسع والتقلص عند التنفس. ويرجع ذلك إلى وجود التجويف الجَنبي (الحيز الرفيع أو المساحة الضيقة جداً بينهما)؛ وكما ذكرنا أعلاه، داخل هذا التجويف هناك سائل خاص مُزَّلق، يسمى السائل البلوري (pleural fluid). يسمح هذا السائل لأغشية الجَنبة والرئتين بالانزلاق بطريقة سلسة ضد بعضهما البعض وضد جدار الصدر دون أي احتكاك أثناء التنفس. أما في حال إصابة الغشاء البلوري بالإلتهاب، تنتفخ طبقات هذا الغشاء وتتورم. الأمر الذي يؤدي إلى احتكاكها ببعضها البعض واحتكاك الرئتين بجدار الصدر بطريقة مؤلمة للغاية في كل مرة تتمدد فيها الرئتين. ومع كل شهيق عميق، سعال، عطاس، أو حتى عند الضحك، من المحتمل أن يسبب هذا الاحتكاك شعوراً بألم حاد يشبه طعنة السكين في المنطقة المصابة.

يحدث التهاب الجنبة غالباً بسبب الإصابة بعدوى جرثومية. وإذا تمت معالجة هذا الالتهاب بالأدوية والإجراءات المناسبة فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى زوال الألم والأعراض المرافقة، وهذا ما يجعل الوفيات الناجمة عن هذا المرض نادرة جداً.

ما هي أعراض التهاب الجنبة؟

ضيق-التنفس

الأعراض الرئيسية التي يمكن أن يعاني منها مريض التهاب الجنبة هي الألم الحاد الطاعن المرافق لحركات التنفس. وقد يختفي هذا الألم إذا ما حَبس المريض أنفاسه أو ضغط بأصابعه على المنطقة المؤلمة.

ومع ذلك، غالباً ما يزداد الألم سوءاً عند العطاس، السعال أو الحركة. كما أن الحمى والقشعريرة وفقدان الشهية من الأعراض المحتملة أيضاً، اعتماداً على الحالة التي تُسبب التهاب الجنبة.

تشمل الأعراض الإضافية لالتهاب الجنبة كل مما يلي:

  • ألم في جانب واحد من الصدر.
  • ألم في الكتفين والظهر.
  • التنفس السطحي لتجنب الشعور بالألم.
  • الصداع.
  • ألم المفاصل والعضلات.
  • ضيق في التنفس.

يمكن أن يصاحب التهاب الجنبة تجمع للسوائل داخل الجوف الجَنبي الذي يضغط على الرئتين ويؤدي إلى توقفهما عن العمل بشكل صحيح، ويسمى تراكم السوائل هذا بـ “انصباب الجَنب” أو “الانصباب الجَنبي”. قد يعمل هذا السائل في البداية كوسادة تمنع احتكاك طبقتي الجَنبة، مما قد يخفف من ألم الصدر. ولكن، في حال زيادة كمية السوائل في الجوف الجَنبي فيمكن أن تسبب ضغطاً على الرئتين إلى درجة قد تسبب انهيار الرئة بشكل جزئي أو كلي، وتعرف هذه الحالة بـ (انخماص الرئة). هذه الحالة ستجعل المصاب يعاني من ضيق في التنفس بسبب امتلاء الجوف بالسوائل وقد تسبب السعال أيضاً.

في بعض الحالات، قد يعاني المريض من الحمى والقشعريرة والسعال الجاف أيضاً. يمكن أن تشير هذه الأعراض إلى وجود عدوى جرثومية في السائل؛ الأمر الذي يؤدي إلى تجمع أو تراكم سائل قيحي (صديد) في جوف الجنب، وتعرف هذه الحالة بـ “الدبيلة” أو “تقيح الجَنب”.

ما هي أسباب التهاب الجنب؟

وفقاً لموقع مايو كلينك، غالباً ما تكون العدوى الجرثومية – مثل الالتهاب الرئوي – هي السبب في التهاب الجنبة. وقد تكون هذه العدوى ناجمة عن أحد الفيروسات مثل فيروس الأنفلونزا أو عن عدوى فطرية أو طفيلية. أما الأسباب الأخرى التي يمكن أن تُحدث التهاب الجنبة فتشمل ما يلي:

  • سرطان الرئة أو غيره من أنواع السرطان التي قد تنتشر إلى الرئتين أو الغشاء البلوري (الجنبة).
  • جلطة دموية في الرئتين (الصمات الرئوية).
  • الإصابة بأحد أمراض المناعة الذاتية، مثل الذئبة أو التهاب المفاصل الروماتوئيدي.
  • إصابة في الصدر (جروح).
  • فقر الدم المنجلي.
  • التهاب القصبات.
  • مرض السل.
  • كسور الأضلاع.
  • مضاعفات جراحة القلب.
  • ورم الظهارة المتوسطة، وهو سرطان يسببه التعرض لمادة الأسبستوس.
  • سرطان الغدد الليمفاوية.

كيف يتم تشخيص التهاب الجنبة؟

التهاب-الجنبة-

الأولوية في تشخيص التهاب الجنبة هي لتحديد مكان وسبب الالتهاب أو التورم، سيُجري الطبيب فحصاً سريرياً شاملاً ويطلع على تاريخك الطبي، وقد يطلب أيضاً واحداً أو أكثر من الاختبارات التالية:

  1. تصوير الصدر بالأشعة السينية: تسمح بمعرفة ما إذا كان هناك أي التهاب في الرئتين، وقد يطلب طبيبك أيضاً تصوير الصدر بالأشعة السينية بوضعية الاستلقاء، حيث أن التقاطها أثناء الاستلقاء الجانبي يسمح للسائل الحر بالتجمع في زاوية الجوف وتكوين طبقة تظهر على الصورة فيؤكد هذا الاختبار ما إذا كان هناك أي تراكم للسوائل ضمن جوف الجنب.
  2. تحاليل الدم: يمكن أن تساعد اختبارات الدم في تحديد ما إذا كنت مصاباً بالعدوى وتحديد سبب الإصابة. بالإضافة إلى ذلك، ستكشف فحوصات الدم ما إذا كان لديك أي اضطراب في الجهاز المناعي.
  3. بزل الصدر: سيُدخل طبيبك إبرة ضمن المسافة بين الأضلاع إذا ما تبين وجود سائل في الجوف على الصورة الشعاعية ثم يقوم بسحب السائل وتحليله بحثاً عن وجود عدوى التهابية فيه. (نظراً لطبيعته الغازية والمخاطر المرتبطة به، نادراً ما يتم إجراء هذا الاختبار في الحالات ذات الأعراض النموذجية من التهاب الجنبة التي يمكن تشخيصها دون الحاجة له).
  4. التصوير الطبقي المحوري: لأخذ صورة أوضح لأي اضطراب تمت ملاحظته في صور الأشعة السينية للصدر، فقد يرغب طبيبك في التقاط سلسلة من الصور المقطعية المفصلة لصدرك باستخدام جهاز الطبقي المحوري. حيث يعطي هذا الجهاز  صورة دقيقة لكافة الأنسجة المصابة.
  5. الأمواج فوق الصوتية: تُستخدم الأمواج الصوتية عالية التردد لتصوير الجزء الداخلي من تجويف الصدر، وهذا يسمح بمعرفة ما إذا كان هناك أي التهاب أو تراكم للسوائل.
  6. الخزعة الجنبية: تفيد خزعة الجنب في تحديد سبب التهاب الجنبة. أثناء الإجراء، سيقوم طبيبك بإجراء شقوق صغيرة في جلد جدار الصدر، بعد ذلك يستخدم إبرة لإزالة عينة صغيرة من نسيج غشاء الجنب. ثم يتم إرسال هذا النسيج إلى المختبر لتحليله بحثاً عن العدوى أو السرطان أو السل.
  7. تنظير الصدر: أثناء تنظير الصدر، يتم إجراء شق صغير في جدار الصدر ثم إدخال كاميرا صغيرة متصلة بأنبوب في جوف الجنب. تساعد الكاميرا في تحديد المنطقة المستهدفة ليتم جمع عينة من الأنسجة لتحليلها.

العلاج

بمجرد أن يحدد طبيبك مصدر الالتهاب أو العدوى سيتمكن من تحديد العلاج الصحيح. وإنّ الحصول على قسط كافٍ من الراحة لمساعدة الجسم في عملية الشفاء جزء مهم من عملية التعافي. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستلقاء على الجانب المصاب بالألم قد يوفر ضغطاً كافياً لإزالة الألم.

كما تتضمن طرق العلاج الأخرى:

  • المضادات الحيوية لعلاج العدوى البكتيرية.
  • الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، بما في ذلك الأسبرين أو الأيبوبروفين (ibuprofen) أو غيره من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية.
  • أدوية لعلاج الآلام والسعال التي قد تحتوي على الكوديئين (codeine).
  • الأدوية التي تستخدم لحل أي جلطات دموية أو تجمعات كبيرة للقيح أو المخاط.
  • موسعات الشعب الهوائية عن طريق أجهزة الاستنشاق بالجرعات المقننة، مثل تلك المستخدمة في علاج الربو.

قد يضطر الأفراد الذين لديهم كميات كبيرة من السوائل في الرئتين (الانصباب الجنبي) إلى البقاء في المستشفى واستخدام أنبوب تصريف أو تفجير الصدر  بهدف إزالة السوائل بشكل كافٍ.

مضاعفات التهاب الجنبة

بعض اختلاطات التهاب الجنبة قد تكون خطيرة مثل:

  1. الانصباب الجنبي: وهو تجمع السوائل في التجويف الجَنبي، حيث تدفع السوائل المتجمعة أغشية الجنبة بعيداً ويخف – جزئياً – الألم الناجم عن احتكاك الأغشية معاً. ومع ذلك، قد يضغط تجمع السوائل هذا على الرئة والحجاب الحاجز، مما يجعل التنفس أكثر صعوبة ويسبب ضيقاً في التنفس. ويحتاج الطبيب إلى تحديد سبب الانصباب الجنبي، مما قد يتطلب بزل السائل لأغراض تشخيصية، وكذلك لتخفيف الأعراض. (إذا كان الشخص المصاب بالتهاب الجنبة يعاني من الانصباب الجنبي، فقد يكون السبب جلطة في الرئتين، مما قد يضعف تدفق الدم).
  2. استرواح الصدر: يُطلق مصطلح استرواح الصدر أو الريح الصدرية على تجمع الهواء في التجوبف الجنبي. وقد ينجم استرواح الصدر عن أذية في نسيج إحدى الرئتين أو كلتيهما مما يسبب تراكم الهواء أو الغاز في التجويف الجنبي. أكثر الأعراض شيوعاً هي الألم المفاجئ في جانب واحد من الصدر وضيق التنفس المرافق للألم. وعادةً ما يتضمن العلاج إدخال إبرة أو أنبوب لإزالة الهواء المتجمع.
  3. تدمي الصدر: هو تجمع الدم في التجويف الجنبي. ويحدث هذا غالباً بعد رض على الصدر، ويشمل العلاج تصريف الدم وأي هواء من التجويف الجنبي.

ما هي طرق الوقاية من التهاب الجنبة؟

قد يساعد التشخيص الصحيح والمبكر للحالات المرضية المُسببة وتدبيرها بسرعة إلى منع تطور التهاب الجنبة. حيث يؤدي التشخيص المبكر للعدوى وعلاجها في الوقت المناسب إلى منع تجمع السوائل في التجويف الجنبي أو الحد من تطور الالتهاب. ونظراً لأن ألم الصدر، وهو أكثر أعراض التهاب الجنبة شيوعاً، هو عَرَض عام، فقد يكون من الصعب تشخيص المشكلة.

الحصول على قسط كبير من الراحة والحفاظ على نظام غذائي صحي يمكن أن يساعد أيضاً في منع تفاقم الحالة.

الخلاصة

التهاب الجنبة هو التهاب الأنسجة التي تغلف الجزء الخارجي من الرئتين وتبطن جدار الصدر الداخلي. ويتمثل العَرَض الرئيسي للحالة الشعور بألم في الصدر وأحياناً ألم في الكتف، والسبب الأكثر شيوعاً لهذه الحالة هو الإصابة بالعدوى.

يهدف العلاج إلى تخفيف الألم ومعالجة السبب الكامن وراءه. ويمكن أن يكون لالتهاب الجنبة آثاراً وخيمةً على المدى الطويل، ولكن طلب العلاج الطبي والالتزام ببرنامج العلاج الخاص بك يمكن أن يكون له نتائج إيجابية في الشفاء. لذا لا تتهاون في طلب المساعدة إذا شعرت بأي من أعراض التهاب الجنبة.

مصدر What to know about pleurisy Pleurisy Pleurisy (Pleuritis)
اترك تعليقا