الثعلبة البقعية

الثعلبة البقعية (Alopecia Areata) هي حالة مرضية تسبب تساقط الشعر على شكل بقع صغيرة متفرقة في الرأس قد لا تكون ملحوظة في البداية، لكنها قد تتصل معاً مع تقدم المرض لتصبح واضحة تماماً. ويمكن أن يحدث تساقط الشعر الناجم عن الثعلبة في أي مكان من الجسم، لكنه أكثر ما يصيب فروة الرأس، إضافةً إلى الحاجبين والرموش والوجه.

تبعاً للمؤسسة الوطنية للثعلبة البقعية NAAF، يمكن أن يصاب الأشخاص من جميع الأعمار ومن كلا الجنسين ومن جميع الخلفيات العرقية بالثعلبة البقعية، لكن أعراضها وشدتها تختلف من مريض إلى آخر. كما أنها تصيب حوالي 6.8 مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها.

ما هي الثعلبة البقعية Alopecia Areata؟

هي اضطراب مناعي ذاتي شائع يسبب تساقط الشعر على شكل بقع صغيرة متفرقة متوزعة في مناطق مختلفة من الجسم.

وفي بعض الحالات، يمكن أن تؤدي إلى تساقط شعر كامل في الفروة، يدعى بالثعلبة الشاملة (Alopecia totalis)، أو حتى في كامل الجسم.

ما هي أسباب الثعلبة البقعية؟

تحدث هذه الحالة عندما تقوم كريات الدم البيضاء بمهاجمة الخلايا الموجودة في جريبات الشعر، مما يسبب انكماشها وبالتالي إبطاء إنتاج الشعر. لكن السبب الذي يدفع الجهاز المناعي في الجسم لاستهداف جريبات الشعر بتلك الطريقة غير معروف بعد.

لكن لاحظ العلماء أن الثعلبة البقعية تحدث غالباً عند الأشخاص الذين لديهم قصة عائلية للثعلبة أو لأمراض مناعية أخرى، كالداء السكري من النمط الأول أو التهاب المفاصل الرثياني. لذا يقترح بعضهم وجود دور للوراثة في الإصابة بالمرض.

كما أن هناك عوامل أخرى يُعتقد أنها تلعب دوراً في الإصابة بالثعلبة البقعية، أهمها العوامل البيئية إضافة إلى التوتر والقلق، خاصة عند المرضى المؤهبين وراثياً للإصابة.

ما هي أعراض الثعلبة البقعية؟

العَرَض المُمَيز للثعلبة البقعية هو تساقط شعر بقعي بحجم قطعة النقود، يبدأ عادةً في الفروة. لكن يمكن لأي منطقة ينمو فيها الشعر أن تصاب بالثعلبة، كاللحية والرموش والحاجبين.

قد يكون تساقط الشعر مفاجئاً يتطور خلال بضعة أيام، أو قد يحدث خلال فترة طويلة تستغرق عدة أسابيع. كما قد يشعر المريض بالحكة والحرقة في المنطقة المصابة قبل تساقط الشعر فيها. لا تتخرب جريبات الشعر بشكل كامل لذا يعود الشعر للنمو مجدداً بعد زوال الالتهاب. ويشفى الأشخاص الذين يصابون ببقع قليلة من تساقط الشعر بشكل عفوي غالباً دون أية معالجة.

يلاحظ 30% من الأشخاص المصابين بالثعلبة البقعية أن الحالة تمتد أكثر أو تصبح حلقة مستمرة من التساقط وعودة نمو الشعر.

ويشفى حوالي نصف المرضى خلال سنة واحدة لكن العديد منهم قد يصابون بالثعلبة مرة أخرى. كما يطور حوالي 10% من المرضى ثعلبة شاملة للفروة Alopecia totalis أو شاملة للجسم Alopecia universalis.

يمكن أن تصيب الثعلبة أصابع اليدين والقدمين أيضاً، وفي بعض الحالات تكون تلك التَغيُّرات هي العلامة الأولى على الإصابة بالمرض.

ومن التَغيُّرات الصغيرة التي يمكن أن تحدث في الأظافر:

• ظهور انخسافات بحجم رأس الدبوس.
• ظهور بقع وخطوط بيضاء.
• فقدان اللمعان الطبيعي للأظافر.
• خشونة الأظافر.
• تَرقق وتَكسر الأظافر.

كما تتضمن العلامات السريرية الأخرى:

• شعر على شكل علامة التعجب: وهو عبارة عن شعر ذو قاعدة مستدقة ينمو حول حواف مناطق تساقط الشعر.
• شعر الجثة: يتكسر الشعر قبل وصوله لسطح الجلد.
• الشعر الأبيض: يمكن أن ينمو في المناطق المصابة بتساقط الشعر.

كيف يتم تشخيص الثعلبة البقعية؟

يستطيع الأطباء تشخيص الثعلبة البقعية بسهولة عن طريق فحص الأعراض الموجودة، وذلك بتحري درجة تساقط الشعر وفحص الشعر المأخوذ من المنطقة المصابة تحت المجهر.

في حال عدم القدرة على وضع التشخيص بعد الفحص السريري الأولي، يمكن أخذ خزعة من الجلد وإرسالها إلى التشريح المرضي لفحصها. كما يمكن إجراء اختبارات دموية لنفي الأمراض المناعية الأخرى.

كيف يتم علاج الثعلبة البقعية؟

تبعاً لموقع هيلث لاين الأمريكي، لا يوجد علاج معروف للثعلبة البقعية حالياً، لكن هناك بعض العلاجات التي يمكن تجريبها للمساعدة على إبطاء تساقط الشعر وتسريع نمو الشعر من جديد.

من الصعب التنبؤ بهذا المرض، أي أنه قد يتطلب عدداً كبيراً من التجارب والأخطاء حتى يتم إيجاد علاج مناسب. وبالنسبة لبعض المرضى، قد يتفاقم تساقط الشعر حتى مع المعالجة.

العلاج الدوائي:

1. المستحضرات الموضعية:

يمكن دهن المنطقة المصابة ببعض المواد لتحفيز نمو الشعر، وهناك العديد من الأدوية المتوفرة سواء بوصفة أو بدون وصفة طبية:

• مينوكسيديل minoxidil: يتم تطبيقه مرتين يومياً على منطقة وجود الثعلبة، لكن قد تستغرق النتائج حوالي السنة للظهور. وهناك أدلة على أنه فعال عند المرضى المصابين بالثعلبة البقعية المحدودة.
• أنثرالين anthralin: وهو دواء يخرش الجلد لتحريض إعادة نمو الشعر.
• مستحضرات الكورتيكوستيروئيدات: كالكريمات والغسولات والمراهم والتي تعمل على تخفيف الالتهاب في بصيلات الشعر في المنطقة المصابة.
• العلاج المناعي الموضعي: هو تقنية يتم فيها تطبيق مادة على الجلد لتحرض ظهور طفح تحسسي. وقد يحرض ذلك الطفح ظهور الشعر خلال 6 أشهر، لكن يجب الاستمرار بالعلاج من أجل الحفاظ على عودة نمو الشعر.

2. الحقن:

تعد حُقَن الستيروئيدات خياراً شائعاً للثعلبة الخفيفة المتفرقة، لمساعدة الشعر على النمو مجدداً على البقع الصلعاء من الجلد.

يجب تكرار العلاج كل شهر أو شهرين، لكنه لا يمنع تساقط الشعر من الحدوث.

3. المعالجة الفموية:

تستخدم أقراص الكورتيزون أحياناً لعلاج الثعلبة المنتشرة، لكن يجب مناقشة هذا الخيار العلاجي مع الطبيب لما يحمله استخدام الكورتيزون من آثار جانبية.

كما يمكن استخدام مثبطات المناعة الفموية، كالميتوتريكسات والسيكلوسبورين، كخيار علاجي. وهي تعمل من خلال تثبيط استجابة الجهاز المناعي، لكن لا يمكن استخدامها لفترة طويلة بسبب آثارها الجانبية الخطيرة، كارتفاع التوتر الشرياني وأذية الكبد والكلية، وزيادة خطر الإصابة بالإنتانات الشديدة، إضافة إلى نوع من السرطان يدعى اللمفوما.

المعالجة الضوئية:

تدعى أيضاً المعالجة الكيميائية الضوئية photochemotherapy، وهي نوع من العلاج الشعاعي الذي يستخدم خليطاً من الأدوية الفموية التي تدعى بسورالين مع الأشعة فوق البنفسجية.

إنذار الثعلبة البقعية:

يختلف إنذارها من مريض إلى آخر، وهي غير قابلة للتنبؤ.

فحالما يصاب المريض بحالة مناعية ذاتية كهذه، عليه أن يتعايش مع نوبات من تساقط الشعر والأعراض الأخرى المرافقة لبقية حياته. لكن على الرغم من ذلك، قد يعاني بعض المرضى من تساقط الشعر لمرة واحدة فقط.

وينطبق التنوع نفسه على الشفاء: حيث يعود الشعر للظهور بشكل كامل عند بعض المرضى، وقد لا يعود عند بعضهم الآخر بل يتفاقم.

وترتبط النتائج السيئة عند مرضى الثعلبة البقعية بالعوامل التالية:

• البدء بعمر مبكر.
• تساقط شعر واسع.
• وجود تغيرات في الأظافر.
• وجود قصة عائلية.
• الإصابة بعدة حالات مناعية ذاتية معاً.

الخلاصة:

قد يشكل تساقط الشعر المرتبط بالثعلبة البقعية تحدياً عاطفياً بالنسبة للبعض، خاصة في حال شملت الإصابة كامل فروة الرأس وقد يشعر المرضى بالانعزال أو الاكتئاب نتيجة لذلك. لكن يجب العمل على التأقلم مع هذه الحالة لحين شفائها، سواء بالوسائل التجميلية المتاحة كالشعر والرموش المستعارة أو أقلام رسم الحاجبين وغيرها، إضافة إلى الالتحاق بمجموعات الدعم والجمعيات التي تدعم أولئك المرضى نفسياً ومادياً.