العين الكسولة (الغمش)

(Lazy eye (amblyopia

0

في الواقع، إن مصطلح “العين الكسولة” هو تعبير مضلل، وذلك لأن العين ليست كسولة فعلياً، ولكنها تكون في الواقع تحت تأثير مشكلة تطورية في العصب الذي يربط العين بالدماغ؛ وبمعنى آخر، المشكلة في أغلب الحالات لا تكون من العين نفسها بل في تكمن في نمو العصب البصري الذي ينقل الصورة من العينين إلى الدماغ. في المقال أدناه تجد كل ما تحتاج لمعرفته عن الغَمش أو كسل العين.

ما هي العين الكسولة؟

الغمش-العين-الكسولة-

العين الكسولة، والتي تُعرف طبياً بالغَمش (Amblyopia) أو كسل العين الوظيفي، هي ضعف الرؤية في عين واحدة بسبب التطور البصري غير الطبيعي في وقت مبكر من الحياة (عدم استخدام العين خلال فترة التعلُّم البصري)، وقد لا تبدو العين المصابة مختلفة بالضرورة، على الرغم من أنها قد “تتجول” في اتجاهات مختلفة. بشكل عام، يتطور الغَمش منذ الولادة وحتى عمر 7 سنوات، ويعد السبب الرئيسي لضعف الرؤية بين الأطفال، حيث أنه يصيب 2-3% من الأطفال. وفي حالات نادرة فقط تؤثر العين الكسولة على كلتا العينين.

عندما يعاني المريض من الغَمش، يركز الدماغ على عين واحدة أكثر من الأخرى ويتجاهل العين الكسولة (قد يتجاهل دماغك الإشارات من العين الضعيفة أو الكسولة)، فإذا لم يتم تحفيز تلك العين بشكل صحيح، فإن الخلايا العصبية المسؤولة عن الرؤية لن تنضج بشكل طبيعي في تلك العين. في نهاية المطاف، يمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى ضعف البصر وفقدان القدرة على إدراك العمق أو البعد.

ما هي علامات العين الكسولة؟

يبدأ الغَمش في مرحلة الطفولة، عادةً بين عمر 6 إلى 9 سنوات. وكلما حصل كسل العين مبكراً أكثر، كان الضرر الناجم عنه أكبر. وإن التشخيص المبكر للمرض وعلاجه قبل سن السابعة يزيد من فرصة تصحيح الحالة بشكل كامل.

في الواقع، قد يكون من الصعب اكتشاف الغَمش حتى يصل إلى مراحل متطورة، حيث أن الدماغ مع العين السليمة  يقومان بتعويض النقص بشكل جيد فلا يلاحظ الطفل أنه يعاني من مشكلة، وتشمل علامات الإنذار المبكر للإصابة بالغَمش كل مما يلي:

  • الميل إلى الاصطدام بأشياء من جانب واحد.
  •  تحرك عين واحدة بانفراد دون استخدام العين الثانية (تدور العين، إما للأعلى وللأسفل أو للخارج و للداخل بعيداً عن المركز).
  • ملاحظة أن العينين لا تعملان معاً (عدم وجود تناسق في عمل العينين).
  • ضعف إدراك الأبعاد أو عمق الأجسام والأشياء.
  • صعوبة في معرفة مدى قرب أو بعد شيء ما عنه.
  • إزدواجية الرؤية أو ضبابيتها.
  • عند النظر إلى الأشياء يقوم الطفل بإمالة رأسه باتّجاه الشيء الذي يحاول التركيز فيه.

ما الذي يُسبب كسل العين؟

في الحقيقة، يرتبط الغَمش بشكل رئيسي بمشاكل في النمو تحدث في الدماغ، في هذه الحالة لا تعمل المسارات العصبية التي تعالج البصر في الدماغ بشكل صحيح (المسارات العصبية بين الشبكية الموجودة في مؤخرة العين والمخ). يحدث هذا الخلل الوظيفي عندما لا يتم استخدام كلا العينين بمقدار متساو والاعتماد على أحدهما فقط. عندما يحصل دماغك على صورة ضبابية وصورة واضحة، يبدأ في تجاهل الصورة الباهتة. وفي حال استمر هذا الأمر لأشهر أو لسنوات، فإن الرؤية في العين المشوشة ستزداد سوءاً. ووفقاً لموقع مايو كلينك هناك مجموعة من الأسباب والحالات المرضية التي يمكن أن تدفعك إلى الاعتماد على عين واحدة أكثر من الأخرى، وتشمل هذه الأسباب كل من:

  • الحَوَّل المستمر (Strabismus) أو دوران عين واحدة (اختلال وضعية العينين).
  • خطأ انكساري، أي اختلاف حدة الإبصار بين العينين.
  • السادّ الخِلْقِيّ (Cataracts) أو اعتام عدسة العين، حيث يمكن للعدسة الملبدة بالغيوم داخل العين أن تجعل الأمور تبدو ضبابية؛ وقد لا تتطور الرؤية في تلك العين كما ينبغي.
  • العوامل الوراثية، أو تاريخ عائلي للإصابة بالغَمش.
  • إصابة إحدى العينين بِأذى أو رَضّ.
  • تدلي أو هبوط الجفن، يمكن للجفن المترهل أن يحجب الرؤية.
  • نقص فيتامين (أ).
  • قرحة أو ندبة في القرنية.
  • إجراء جراحة في العيون.
  • ضعف البصر، مثل قصر النظر أو مد النظر أو اللابؤرية (خلل في شكل العين).
  • الزرق أو الجلوكوما (Glaucoma)، وهو تضرر تدريجي يصيب العصب البصري (يحدث هذا الضرر في أغلب الأحيان بسبب ارتفاع الضغط بشكل غير طبيعي في عينيك) وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في الرؤية قد تصل إلى العمى.

ما هي عوامل الخطر للإصابة بالعين الكسولة؟

قد يكون الطفل أكثر عرضةً من غيره للإصابة بالعين الكسولة في الحالات التالية:

  • طفل وُلِد مبكراً (خديج سابق لأوانه).
  • صغر حجم الوليد (كان أصغر من الطبيعي عند الولادة).
  • وجود تاريخ عائلي للإصابة بالغمش أو أمراض العين الأخرى.
  • الأطفال الذين يعانون من اضطرابات تطورية ومشاكل في النمو.

كيف يتم تشخيص العين الكسولة؟

فحص-عيون-الاطفال-

التشخيص المبكر ضروري جداً في حالة العين الكسولة، ويفضل أن يكون قبل سن السادسة. وهذا لسوء الحظ ليس ممكناً دائماً، لأن الطفل قد لا يدرك في كثير من الأحيان أن هناك مشكلة في عينيه، لذا ينصح الباحثون بأن يخضع جميع الأطفال لاختبارات الرؤية في عمر 6 أشهر و 3 سنوات ثم كل عام أثناء وجودهم في المدرسة، وإذا شعر الأهل بوجود خطأ ما في رؤية طفلهم فيجب تحديد موعد مع طبيب عيون الأطفال بأقرب فرصة ممكنة.

يتم فحص واختبار كل عين على حدة لتحديد ما إذا كان هناك أي قصر أو مد في النظر ومدى تطور الحالة، وتعتمد الطريقة المستخدمة لفحص البصر على عمر الطفل ومدى وعيه ونموه كما يلي:

1- الأطفال ما قبل سن النطق

يمكن استخدام جهاز مكبر مضاء لتحري وجود إعتام في عدسة العين أو ما يسمى بـ “مرض الساد” أو الماء الأبيض (Cataract). ويمكن للاختبارات الأخرى تقييم قدرة الرضيع أو الطفل الصغير على تثبيت نظره ومتابعة جسم متحرك.

2- الأطفال من سن 3 سنوات وما فوق

يُجري طبيب العيون عادةً فحصاً قياسياً للعين لتقييم الرؤية في كلتا العينين، ويتضمن ذلك سلسلة من الاختبارات مثل:

  • تمييز الحروف أو الأشكال على الرسم البياني.
  • تتبع الضوء بكل عين ثم بكلتا العينين.
  • فحص العينين باستخدام عدسة مُكبرة.
  • التحقق من وضوح الرؤية، وقوة عضلات العين، ومدى تركيز العينين.
  • يبحث الأطباء خلال الفحص عن عين شاردة أو اختلافات في الرؤية بين العينين.

تجدر الإشارة إلى أنه وبالنسبة لمعظم حالات الإصابة بالغَمش، فإن فحص العين يكون كافياً للتشخيص الأكيد.

كيف يتم علاج العين الكسولة؟

علاج-كسل-العين

من المهم أن يبدأ علاج الغَمش في أسرع وقت ممكن اعتماداً على السبب الكامن وراء هذه المشكلة، ويشمل العلاج كل مما يلي:

  • تصحيح أي مشاكل أساسية في الرؤية مثل قصر النظر أو مد النظر أو اللابؤرية.
  • يحتاج معظم الأطفال الذين يعانون من الغمش أيضاً إلى نظارات لمساعدة عيونهم على التركيز.
  • ممارسة تمارين النظر، (وهي عبارة عن تمارين مختلفة تساهم في تطور النظر في العين الكسولة أو الضعيفة)، عادةً ما تكون مناسبة للأطفال الأكبر سناً، وبالطبع تترافق مع علاجات أخرى.
  • الجراحة، إذا كان الماء الأبيض (مرض الساد) يحجب الضوء عن العين، أو إذا كان الحَوَّل يمنع العينين من التحرك معاً بالطريقة الملائمة.
  • ارتداء رقعة على العين القوية لإجبار الدماغ على استخدام العين الضعيفة.

في البداية، سيجد الطفل صعوبة في الرؤية، ولكن سوف تتحسن رؤيته مع مرور الوقت، على الرغم من أن الأمر قد يستغرق أسابيع أو شهور؛ ولكن بعد ذلك، لن يضطر إلى ارتداء الرقعة طوال الوقت.

ضع في اعتبارك أنه وفي بعض الأحيان، عندما يعود الطفل المصاب بالغمش إلى استخدام كلتا العينين، فقد تضعف الرؤية لديه في العين الضعيفة، وإذا حدث ذلك، فقد يضطر إلى ارتداء الرقعة مرة أخرى.

يمكن اللجوء أيضاً إلى قطرات للعين مع دواء يسمى الأتروبين (atropine)، والذي يطمس العين القوية حتى لا يحتاج الطفل إلى ارتداء رقعة، هذا الأمر يجبر الدماغ أيضاً على استخدام العين الضعيفة. ومن الخيارات الأخرى التي يمكن استخدامها أيضاً “مرشح بانجرتر (Bangerter)” الذي لا يمكن استخدامه إلا مع النظارات، حيث يتم لصقه فوق عدسة النظارات من جهة العين الأقوى لتعتيم الرؤية فيها حتى يضطر الطفل إلى استخدام العين الضعيفة.

الخلاصة

قد لا تبدو العين المصابة بالغمش مختلفة كثيراً عن العين الطبيعية وقد تكون قادرة على التحرك في اتجاهات مختلفة. عادةً ما تؤثر الحالة على إحدى العينين فقط، ولكن في حالات استثنائية معينة، يمكن أن تتأثر الرؤية في كلتا العينين.

يمكن أن يساعد التشخيص والعلاج المبكر في الوقاية من المشاكل طويلة المدى في رؤية الطفل، ويمكن عادةً تصحيح العين ذات الرؤية الضعيفة من  خلال استخدام النظارات أو العدسات اللاصقة. وعلى الرغم من أن الغمش يمكن أن يؤدي في بعض الحالات إلى ضعف البصر، إلا أنه عادةً ما يكون قابلاً للعلاج، خاصةً عند اكتشافه مبكراً. لذا احرص على التحدث إلى الطبيب بأسرع وقت إذا كنت تعتقد أن طفلك يعاني من الغمش.

مصدر What Is a Lazy Eye? Lazy Eye (Amblyopia) Everything you need to know about lazy eye
اترك تعليقا