بدانة الاطفال – كيف يمكن للأهل مساعدة أطفالهم في التغلب عليها

يستند علاج البدانة في مرحلة الطفولة إلى عمر الطفل وإذا كان لديه حالة طبية أم لا

0

إن بدانة الاطفال ليست بالأمر السهل أو العابر كما يتخيل الكثير من الناس، فقد يكون لها توابع وانعكاسات خطيرة على صحة الطفل، وذلك وفقاً لأحدث الدراسات. ما الذي يمكن للأهل أن يفعلوه لكي يساعدو أطفالهم في التغلب على البدانة ؟!

ما هي أسباب بدانة الاطفال في يومنا هذا ؟

اضرار-الوجبات-السريعة

في يومنا هذا، نجد أن الأطفال أكثر عُرضة لخطر الإصابة بالبدانة من أي وقت مضى. فقد وجدت دراسة حديثة أن قلة التمارين والحركة مع تناول الوجبات السريعة والسناكات وعدد الساعات التي يقضيها الأطفال في مشاهدة التلفزيون، كلها عوامل تساهم في انتشار البدانة.

ومع ذلك، يقترح الدكتور جوزيف غالاتي، مؤلف كتاب ” Eating Yourself Sick: How to Stop Obesity, Fatty Liver, and Diabetes from Killing You and Your Family“، أن هناك عنصر آخر يقع عليه اللوم جزئياً، وهو الآباء (الأهل).

يقول الدكتور غالاتي أن المشكلة هي أن الآباء لا يهتمون بما يكفي لما يأكله أطفالهم. لا يأكل أفراد العائلات ما يكفي من الوجبات المطبوخة في المنزل، ولا يقدم الآباء وجبات خفيفة صحية (سناك صحي)؛ ويضيف أيضاً أن الآباء بحاجة لأن يتحملوا المسؤولية.

يقول غالاتي : 

” معظم الأطباء ليس لديهم الجرأة لإخبار جميع أفراد الأسرة بالجملة التالية: أنتم في وضع صعب، و كلكم ستموتون مبكراً”

في الواقع، قد يكون غالاتي محقاً، ولكن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) تتبع نهجاً أكثر لطفاً؛ حيث يشير بيان سياسات الـ AAP لعام 2017 إلى أن:

“السُمنة هي حالة طبية لها عواقب صحية حقيقية، لذا من المهم للأطفال وكافة أفراد الأسرة فهم المخاطر الصحية الحالية والمستقبلية، ولكن يجب تقديم المعلومات بطريقة حساسة وداعمة” 

من جهته، يقول ستيفن بونت، وهو طبيب أطفال في ولاية تكساس، ومؤلف مشارك في بيان AAP: 

“الذنب واللوم لا يحفزان التغييرات الصحية طويلة المدى، إنما فقط يجعلان الناس يشعرون بالسوء”؛ ويشجع الأطفال والأهل على إجراء تغييرات صغيرة كعائلة وعلى التفكير بإيجابية.

البدانة مُتعلّقة بـ نمط الحياة

طفل-يشاهد-التلفاز

البدانة هي عامل خطر ينعكس بشدة في عادات أطفالنا. على سبيل المثال، الأطفال الأمريكيون أقل عُرضة لركوب الدراجة أو المشي إلى المدرسة من أي وقت مضى. من سن 8 إلى 18 عاماً، يقضي الأطفال أيضاً ما معدله 7.5 ساعة يومياً في مشاهدة التلفزيون واستخدام أجهزة الكمبيوتر وألعاب الفيديو والهواتف المحمولة ومشاهدة الأفلام؛ وخلال تلك الساعات يميلون إلى تناول الوجبات الخفيفة أيضاً. ويعاني حوالي 1 من كل 5 أطفال أو مراهقين أمريكيين من البدانة، بينما يعاني ثلث البالغين منها.

في الآونة الأخيرة بدا أن معدلات بدانة الاطفال الصغار تنخفض، ولكن أفادت دراسة نُشرت في مجلة طب الأطفال (Pediatrics) في آذار أن هذا ليس صحيحاً. ففي الواقع، ارتفعت نسب البدانة الشديدة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و 5 منذ عام 2013، من بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 19، يعاني 41.5% من البدانة، وأكثر من 4% يقعون ضمن فئة الأكثر وزناً أو “الفئة 3”.

تجدر الإشارة هنا إلى أن بعض الآباء يعتقدون أن ازدياد وزن أطفالهم هو أمر مؤقت، ولكن في الحقيقة، الأطفال يميلون لأن لا يفقدوا الوزن. ففي دراسة أُجريت على ما يقرب من 4000 طالب في المدارس العامة، كان لجميع طلاب الصف العاشر المصابين بالبدانة وزناً أعلى من المعدل الطبيعي منذ أن كانوا في الصف الخامس.

خبراء الصحة ينصحون بنهج أكثر واقعية ! 

يقترح الخبراء على الآباء المعنيين استخدام طرق مثل حاسبة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، والتي تأخذ بعين الاعتبار معايير صحية لمختلف الأعمار والأطوال، لتقييم خطر إصابة الاطفال بالبدانة. ويقدم فرانك بيرو العامل في المركز الطبي بمستشفى سينسيناتي للأطفال هذه القاعدة الأساسية: “إذا كان محيط خصر أي فتاة تجاوزت عمر السنة أكثر من 60% من طولها، فإنها “مُعرضة لخطر الإصابة بالمضاعفات الاستقلابية المتعلقة بزيادة الوزن”.

بشكل خاص، تُظهر الأبحاث الحديثة أن بدانة الاطفال قد تصبح مصدر قلق صحي أكبر في المستقبل. وفقاً لدراسة أجريت عام 2017، سيعاني ما يَقرُب من 60% من أطفال أمريكا اليوم من البدانة عندما يبلغون 35 عاماً.

ما هي مخاطر البدانة على الأطفال ؟

طفل-بدين

كطبيب متخصص في أمراض الكبد، يميل غالاتي إلى معاينة البالغين المصابين بالبدانة الذين تم تشخيصهم بمرض الكبد الدهني. عندما يخبره هؤلاء المرضى بأن لديهم أطفالاً، يبدأ في طرح الأسئلة. وفي كثير من الأحيان، يجد أن أطفال هؤلاء المرضى يتجهون أيضاً إلى الإصابة بالبدانة؛ وهنا يُحذرهم غالاتي من أن أطفالهم من المحتمل أن يموتوا في وقت أبكر منهم حتى ولو خفف الأهل أوزانهم.

تدعم الكثير من الأدلة ادعاء غالاتي بأن بدانة الأطفال يمكن أن تقصر حياتهم، وذلك بسبب زيادة فرص الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وأمراض الكبد والسرطان.

دفع الطب الحديث والاقتصاد المتنامي متوسط عمر الفرد المتوقع في الولايات المتحدة إلى الارتفاع بسرعة لأكثر من قرن، ولكن هذه الزيادة بدأت في التباطؤ عندما أصبح المزيد من الأمريكيين يعانون من زيادة الوزن.

تُظهر الأبحاث أن متوسط عمر الفرد المتوقع في الولايات المتحدة عند الولادة انخفض بالفعل في العامين الماضيين. وتزداد المشكلة سوءاً في مناطق الجنوب والغرب الأوسط حيث يعاني المزيد من الأشخاص من البدانة، هذا كما يشير ديفيد لودفيغ، طبيب الغدد الصماء وأخصائي البدانة في مستشفى بوسطن للأطفال.

يقول لودفيغ، وهو مؤلف كتاب الطبخ الشهير “دائماً لذيذ” (بالإنكليزية: Always Delicious)، أن: “انخفاض طول العمر سيتسارع بشكل شبه مؤكد مع وصول الجيل الحالي من الأطفال – مع متوسط أوزان أعلى من أي وقت مضى – إلى مرحلة البلوغ”.

المشاكل الصحية المتعلقة عادةً بالوصول إلى منتصف العمر تظهر حالياً في وقت أبكر!!

الكبد-الدهني-والصحي

بدأ غالاتي في رؤية مراهقين يشكون من الإعياء والغثيان، ثم تُظهر تحاليل الدم خاصتهم إصابتهم بمرض الكبد الدهني. حيث يعاني ما يصل إلى 40% من الأطفال الذين يعانون من البدانة، من مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NALD)، والذي يمكن أن يتطور إلى مرض تليف الكبد.

ينص إحدى مستندات المبادئ التوجيهية السريرية على ضرورة فحص الأطفال الذين يعانون من البدانة لتحديد إصابتهم بمرض الكبد الدهني غير الكحولي بين عمري 9 و12، وينص أيضاً على فحص الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن و مقدمات السكري أو انقطاع التنفس أثناء النوم؛ يبدو أن مرض الكبد الدهني غير الكحولي مرتبط بمحيط الخصر والوزن الإجمالي.

 

الانتباه المبكر 

قد تبدأ مسؤولية الأم بالانتباه لوزن الطفل في وقت مبكر. وفقاً لدراسة ألمانية واسعة في عام 2012، تزيد الأمهات الحوامل اللواتي يكتسبن الكثير من الوزن أثناء الحمل من فرص أطفالهن في زيادة الوزن قبل بلوغ السادسة من العمر بنسبة 28%.

من ناحية أخرى، قد يساعد التقليل من إعطاء المضادات الحيوية للرضع والأطفال الصغار في محاربة البدانة؛ حيث تشير الأدلة في الفئران والأطفال دون سن الثانية إلى أن المضادات الحيوية يمكن أن تؤثر على بكتيريا الأمعاء بطريقة غير صحية.

محاربة بدانة الاطفال

للإجابة عن السؤال الذي يدور في ذهنك الآن، كيف يمكنك مساعدة أطفالك على تجنب البدانة ؟ تابع القراءة أدناه.

علاج-بدانة-الاطفال-العشاء-العائلي

١- الطعام العائلي:

العشاء العائلي هو بداية جيدة، وفقاً لكثير من الأبحاث. ففي دراسة أُجريت على 8550 طفلاً في الرابعة من العمر، أظهرت النتائج أن أولئك الذين يتناولون العشاء بانتظام كعائلة – والذين قضّوا وقتاً محدوداً في مشاهدة الشاشات وحظيوا بنوم كاف – كانوا أقل عُرضة للإصابة بالبدانة بنسبة 40%.

كما يشير غالاتي إلى أن الأطفال الذين يأكلون مع أسرهم يُحصّلون مدرسياً بشكل أفضل ويتمتعون بعلاقات عائلية وصحة عامة أفضل.

٢- النشاط البدني والرياضة:

تدفع الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) الأهالي لاستحداث مناطق “خالية من الشاشات” في غرف نوم الأطفال، ومنعهم من مشاهدة التلفاز أثناء العشاء، وتخصيص ساعة أو ساعتين فقط يومياً لمشاهدة التلفزيون أو ممارسة ألعاب الفيديو.

من جهته، يقترح مركز السيطرة على الأمراض (CDC) هدفاً يتمثل في ممارسة ما لا يقل عن ساعة من النشاط البدني يومياً، ومعظمه من التمارين الهوائية، وأنشطة تقوية العضلات والعظام.

طفل-يلعب-كرة-القدم

اسعوا لممارسة نشاطات تحتوي ألعاباً مسلية بالنسبة للأطفال، ويمكنكم أيضاً استخدام أنظمة النقاط المرفقة بالمكافآت. على سبيل المثال، إذا كان ابنك نشطاً لمدة نصف ساعة في اليوم على مدى أربع أو خمس ليال في الأسبوع، فاسمح له باختيار فيلم الأسبوع مثلاً. يقول بونت: “من الأفضل ألا تكون المكافأة طعاماً غير صحي”.

٣- وقت النوم والأجهزة الإلكترونية !

اجعل الأطفال يلتزمون بوقت النوم وأبعد الأجهزة الإلكترونية عن السريريؤدي الإعياء إلى الإفراط في تناول الطعام ويمكن أن يدفع الجسم إلى زيادة الوزن. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن قد يحتاجون إلى علاج انقطاع التنفس أثناء النوم أيضاً. حيث يقول غالاتي:

“عندما لا تحصل على قدر كاف من النوم، فإن مؤشرات الالتهاب الخاصة بك ترتفع، فذلك يرفع ضغط الدم والأنسولين والكورتيزول”

٤- تناول الطعام خارج المنزل:

تناول-السلطات-بدانة-الاطفال

عندما تتناول الطعام خارج المنزل، اجعل الأطفال يتشاركون الوجبات أو اجعلهم يتناولون المقبلات كوجبة رئيسية. تجنب الخبز والصلصات الكثيفة، واطلب السلطات، وشارك الحلويات أو تجنبها.

يقول غالاتي أن الطبخ في المنزل هو أفضل طريقة للتحكم بكمية السكر والدهون التي يتناولها الأطفال. ويضيف أن الأهالي بحاجة إلى العودة إلى تقليد طبخ العشاء في المنزل بدلاً من طلب الطعام الجاهز، حتى ولو كان ذلك صعباً نظراً لـ جداولهم الزمنية. 

كما يؤكد أن الأطفال يستمتعون فعلاً بالطعام المطبوخ في المنزل؛ يعتقد غالاتي أن الأطفال يجب أن يفكروا بالطعام بطريقتين: 

” الطعام الطبيعي يأتي من الأرض، بينما الطعام المُصنع يأتي في علب”.

ويقول أيضاً: 

“حان الوقت ليُعلم الآباء أنفسهم وأطفالهم طرق صحية لتناول الطعام، وإلا فإن العواقب ستكون أسوأ بكثير مما يتوقعون”.

٥- التعامل مع الأطباء في موضوع بدانة الاطفال:

يقول بونت أن الأطباء يجب أن يتجنبوا إطلاق أي نوع من الأحكام الجارحة على الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد أو البدانة. حيث أن هذا الأمر يؤثر فعلاً عليهم، ويشير إلى أن إلقاء اللوم على البدينين لا يساعدهم على تخفيف وزنهم.

مؤخراً، أجرى فريق من جامعة جونز هوبكينز مسحاً على 600 بالغ يعانون من الوزن الزائد. وبينت النتائج ما يلي: إذا تحدث معك طبيبك حول وزنك الزائد وأدى ذلك إلى تحسيسك بالذنب، فسيكون من المرجح أن تحاول أن تفقد وزنك، ولكن سيكون من غير المرجح أن تنجح في ذلك فعلاً. 

بينما الأشخاص الذين لم يشعروا بالذنب أثناء الحديث مع الأطباء كانوا أكثر عُرضة لأن ينجحوا في تخفيف وزنهم. هنا يُحاجج بونت أن الآباء أيضاً يجب أن يتجنبوا إصدار الأحكام الجارحة على أطفالهم لمساعدتهم في تخفيف وزنهم، ويؤكد على أنهم يجب أن يكونوا داعمين و متعاطفين.

“عندما يخلق الآباء بيئة داعمة لأطفالهم، فذلك يجعل من المرجح أن ينجح كل من الآباء والأطفال في تخفيف الوزن”

ستيفان بونت

بدانة-الاطفال

ببساطة، الطريقة المثلى في معالجة بدانة الاطفال تتمثل في إجراء تغييرات صغيرة وببطء، بدلاً من اتباع نظام غذائي قاس، كما يمكن للأهل أيضاً أن يكونوا أمثلة يُحتذى بها عن طريق تحسين عادات أكلهم الخاصة. 

مصدر healthline
اترك تعليقا