تربية الأطفال … كيف نجعلها أسهل

صعوبة تربية الأطفال تكمن في كيفية التعامل معهم في مواقف معينة

0

تربية الأطفال يمكن تكييفها وتطويعها لتمثل استجابة مناسبة للمشاكل التي تظهر أمام الأهل في مختلف الظروف. فسوء تصرف الأطفال في العديد من المواقف يُعزى للعديد من  الأسباب. على سبيل المثال لا الحَصر نذكر من هذه الأسباب:

  • بعض الأطفال يكون في حالة غضب، أو ضيق.
  • الكثير من الأطفال لا يدركون أن ما ارتكبوه و فعلوه يعتبر خطأً.  
  • قد لا يكون لدى الأطفال الدافع للتعاون مع أهاليهم أو حتى معلميهم، (على الأقل في وقت ارتكاب هذا الخطأ).
  • بعض الأطفال ربما يرغبون في فعل شيء ما على الرغم من أنهم يعلمون أنه خاطئ.

نرصد في مقالنا هذا بعض الخصائص العامة للتربية الناجحة. ويطلق عليها المهارات الأساسية لتربية الأطفال، والتي أكد عليها الباحثون في جميع مجالات التربية، بغض النظر عن “مُسببات سلوك الطفل المزعج أو غير المرغوب فيه”. ويمكن تلخيص هذه المهارات على النحو التالي:

1. المبادئ الأخلاقية  وعواقب الخروج عنها أو مخالفتها:

أم تناقش بنتها بطريقة القفز

الأطفال يحتاجون إلى معرفة الكيفية التي يتوقع الآخرون منهم أن يتصرفوا بها؛ ولماذا يُحكم على تصرف ما بأنه طريقة «جيدة»، وما هي عواقب عدم التصرف بشكل جيد. وبمجرد أن يعرف الأطفال هذه الأمور، يجب أن يلمسوا فعلياً عواقب عدم اتباع القواعد.

بالطبع، هذا لا يعني  أنه لا يوجد مجال للتفاوض والتوصل لحل وسط مع الطفل. ولكن يجب أن تظل القيم والمبادئ الأخلاقية وعواقب مخالفتها واضحة في ذهن الطفل. كما يجب أيضاً أن تكون الأسباب منطقية وواقعية ويمكن الدفاع عنها.

فعلى سبيل المثال، من غير المقنع أن نقول: «يجب أن تهتم بطريقتك في التعبير وإلا لن تحظى بحب أصدقائك». بالإضافة إلى ذلك، علينا أن نكون واضحين بشأن الخطوط الأساسية غير القابلة للتفاوض مثل «لا تضرب الناس ولا تأخذ ما هو ليس لك أو تسلب الناس أشيائها». وفي ذات الوقت، علينا أن نكون أكثر مرونة فيما يتعلق بوقت النوم مثلاً، أو مدى تأخرهم في العودة من زيارة أصدقائهم.

2. التعبير عن رفضنا لتصرف الطفل وليس للطفل نفسه:

هناك فرق كبير بين أن تقول للطفل: (تصرفك اليوم كان سيئاً) وأن توجه كلامك له قائلاً: (أنت شخص سيئ). يمكننا دائماً أن نجرب مع الأطفال مقولة: (لا أعتقد حقيقةً أنك على هذا النحو؛ دعنا نناقش ونوضح لماذا لم يكن عليك التصرف بهذا الشكل)، عوضاً عن قولنا للطفل: (لديك صفة سيئة فيك وتحتاج أن تتعرف إليها لتتمكن من السيطرة عليها) أو ( لديك صفة سيئة و تحتاج لتغييرها) وهو ما يقوله غالبية الأهل على اختلاف ثقافاتهم.

ومن المفيد أن نعلم أن رفضنا لسلوك الطفل لا يكون فقط من خلال التعبير عن هذا الرفض بالكلام فقط. ولكن يمكن أن يكون من خلال نبرة الصوت ولغة الجسد التي نعبر بها عما بداخلنا.

3- تربية الأطفال تتطلب إشراكهم بالتحكم والسيطرة: 

طفلة-مع-ابيها

“لا أحد يحب أن يعيش تحت الضغط”. على سبيل المثال: الأطفال الذين يشعرون بأنهم مجبرون على الطاعة يمكن أن يصبحوا متمردين فيما بعد (ويطلق على هذه الحالة «ردة الفعل» – إذ يرغبون في أداء عكس ما هو مطلوب منهم)، وتجدهم دائماً قلقين، ومكتئبين.

ما الذي ينبغي علينا فعله لتجنب حدوث ذلك؟؟

يحتاج الأطفال دائماً إلى الشعور بأن لديهم على الأقل بعض السيطرة. وطبعاً هذا لا يعني تَمتعهم بالسيطرة الكاملة، وإنما المقصود هو أن السيطرة مشتركة حينما يكون ذلك أمراً معقولاً ومقبولاً. وفي هذا السياق، يمكن أن نضرب مثالاً عن الطفل الذي لا يريد أكل الخضراوات؛ فالقاعدة الصحيحة هي أن الخضروات جزء لا يتجزأ من النظام الغذائي الصحي الذي يجعلنا على ما يرام وفي صحة جيدة. ومع ذلك، يمكننا أن نجعل الاختيار في مسألة تحديد نوع الخضراوات مشتركاً مع الطفل أو حتى من اختياره التام. مثال ذلك، يمكنك أن تخبر الطفل بأنه من الممكن أن يختار هو من بين (السبانخ، أو القرنبيط، أو الفاصوليا الخضراء). أما في الأمور الأخرى، مثل ضرب الأشقاء والأصدقاء أو السرقة مثلاً، فلا توجد بالطبع مساحة للتفاوض في مثل هذه الحالات.

“المشاركة في السيطرة ” هنا يقصد بها أن يصبح البدء في التفاوض بين الأهل والطفل معقولاً ويصبح بالإمكان التوصل لحلول وسط بدل من الردود السلبية المحتملة.

في الحقيقة، “المشاركة في السيطرة” هذه مطلوبة في سياق آخر مهم للغاية، وهو التواصل مع الطفلسواء كان التواصل حول ارتكاب بعض الأخطاء، أو أهمية الأداء المدرسي الجيد، أو احترام الآخرين، أو المساعدة في أداء الأعمال المنزلية، أو ترتيب غرفة نومه وجمع ألعابه. على وجه التحديد، يجب أن يكون التواصل في صورة مناقشة مشتركة وليس محاضرة. فالأطفال يحتاجون إلى الشعور بأن وجهات نظرهم مسموعة ومفهومة، ويمكن أن يتم توجيههم – من خلال النقاش وتبادل وجهات النظر – إلى طريقة مقبولة اجتماعياً لعرض الأشياء أو الأفكار التي يرغبون بطرحها أو القيام بها.

4. دائماً انظروا إلى الأمر من منظور الطفل وليس من منظور الأهل فقط:

اطفال-يلعبون-بالمكعبات

بشكل عام تحدث المشكلات في الحياة عندما لا نُعير اهتماماً بوجهة نظر الشخص الآخر. وفي حالة تربية الأطفال فإن الأمر أكثر تعقيداً وتسبباً بالمشاكل. ففي حالة الطفل، نجد أن معرفة ما يدور في رأسه أمر مفيد جدّاً لتسهيل المَقدِرة على التعامل معه في حل مشكلة ما. في الواقع، ربما لا يدرك الطفل، سواء كان ولداً أو بنتاً، أن ما فعله شيء وقح ومزعج. أو أنه قد فَسر تصرفات أهله بطريقة مغايرة لما كانوا يقصدونه. على سبيل المثال، المزحة أو الطُرفة التي قد تسعد شخصاً كبيراً في السن، قد لا تروق لشخص أصغر منه سنًّا، لأنه ببساطة لم يدرك بعد المعاني الخفية للمزحة أو الطرفة المُركبة أو العميقة. وربما كان للأطفال الحق في إبداء الغضب أو الضيق؛ نظرًا إلى أن رد فعل الشخص الراشد قد تكون مجحفة أو غير مقبولة من وجهة نظرهم.

بناء على هذا كله، علينا – كأهل – التوقف والتفكير مليًاً في المنطق الذي ينطلق منه هذا الطفل ويفكر به.

5. الوعي الذاتي للأهل:

ينبغي على الأهل توخي الحذر بشأن أفكارهم ومشاعرهم تجاه أطفالهم. لأن تربية الأطفال ليست بالبساطة التي يتخيلها البعض. على سبيل المثال، على الأم أن تُحدّث نفسها بالآتي: أحتاج إلى معرفة أفضل طريقة للتعامل مع هذه المشكلة، بمقدوري حلها، مطلوب مني مجرد التزام الهدوء والابتعاد عن الصراخ والغضب.

هذا النهج في تربية الأطفال يمكن أن يكون أكثر فائدة من أن تقول الأم لنفسها: طفلي ميؤوس منه، إنه عنيد للغاية، مثل أبيه تماماً، وأنا لا أُحسن التعامل معه، أنا غاضبة جداً.

6. إلى جانب التربية، تعرفوا على أطفالكم:

تربية الأطفال

بصورة شاملة، الأطفال يختلفون كثيراً عن بعضهم البعض. لديهم مزاجات مختلفة وخبرات مختلفة تؤثر في الكيفية التي يرون بها العالم من حولهم. لا بل إنهم يتصرفون بشكل مختلف مع أولياء الأمور أنفسهم (الأهل). فقد تجد طفلاً ما حساساً للغاية من النقد ويجب معاملته بلطف. وقد تجد طفلاً آخر أقل تفاعلاً مع النقد، ومن ثم، لا يحتاج الأب (والده) إلى توخي الحذر الشديد في التعامل معه في حال أخطأ.

في الحقيقة، إن ما يمكن عَدَّه عقوبةً لبعض الأطفال قد يمثل مكافأة للآخرين. المثال الشائع عن ذلك هو إبعاد بعض الأطفال إلى غرفتهم؛ هذا الأمر قد يحرم فئة من الأطفال مما يريدون فعله (عِقاب)؛ بينما إبعاد فئة أخرى إلى غرفتهم قد يتيح لهم اللعب بمفردهم بمنتهى المتعة (مكافأة).

مصدر psychologytoday
اترك تعليقا