داء الساركوئيد (الغرناوية)

Sarcoidosis

0

الساركوئيد أو الساركويد (Sarcoidosis) هو مرض التهابي يتسبب بتشكل “أورام حبيبية” أو كتل من الخلايا الالتهابية في أعضاء مختلفة من الجسم، وينتج عن ذلك حدوث التهاب في تلك الأعضاء. قد يحدث الساركوئيد بسبب استجابة شاذة (غير طبيعية) لجهاز المناعة في الجسم ضد المواد الطُفَيلِيّة والغريبة، مثل الفيروسات أو الجراثيم أو البكتيريا أو المواد الكيميائية. وتشمل مناطق الجسم التي تتأثر بشكل شائع بالساركوئيد ما يلي:

  • الغدد الليمفاوية.
  • الرئتين (90% من الحالات تتضمن إصابة الرئة).
  • العيون.
  • الجلد.
  • الكبد.
  • القلب.
  • الطحال.
  • الدماغ.

ما هي أسباب الساركوئيد؟

في الواقع، السبب الدقيق للساركوئيد غير معروف. يمكن أن يظهر المرض فجأة ثم يزول، أو يمكن أن يتطور تدريجياً وينتج عنه أعراض قد تظهر وتختفي بشكل مستمر مدى الحياة. ويعتقد الباحثون أن المرض ناجم عن استجابة مناعية غير طبيعية، بمعنى أن النظام الدفاعي في الجسم لا يتفاعل كما ينبغي تجاه الجسم الطُفَيلِيّ أو المادة الدخيلة. في حالة الشخص السليم، يحدث الالتهاب عندما تتحد خلايا الجهاز المناعي لمحاربة الجسم الطفيلي أو المادة الدخيلة في أحد الأعضاء أو الأنسجة المصابة. بينما في حالة الشخص المصاب بمرض الساركويد، ينتهي الأمر بالخلايا التي تقاتل الأجسام الطفيلية إلى التكتل معاً في كتل صغيرة تسمى “الأورام الحبيبية”.

البكتيريا-والطفيليات

ولا يزال من غير المؤكد ما هي المواد الطفيلية أو الدخيلة التي تُحفز استجابة الجسم غير الطبيعية هذه. يشير بعض الباحثين إلى احتمالية أن تكون الفطريات أو الفيروسات أو البكتيريا أو المواد الكيميائية هي المحفز الرئيسي. ( مؤخراً، ظهرت بعض أنواع البكتيريا كمرشح محتمل ولكنها لا تزال تخضع للدراسة عن كثب). قد تؤدي هذه المحفزات – على الرغم من كونها غير ضارة عادةً لدى معظم الأشخاص – إلى تهيج الجهاز المناعي لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة بالساركويد.

بالإضافة إلى ذلك، هناك نظريات مفادها أن الاستجابة المناعية قد تكون مفرطة النشاط أو غير ملائمة في بعض الحالات، وأن هذا الأمر يؤدي إلى التهاب مستمر، وتشكيل أورام حبيبية، وفي بعض الحالات، حدوث ندبات أو تليف.

أخيراً، هناك بعض الأدلة المتزايدة على أن الاستجابة المناعية للساركويد قد تشمل أيضاً استجابة “المناعة الذاتية”، مع بعض ردود الفعل تجاه البروتينات “الذاتية”. ومع ذلك، وحتى تاريخ كتابة هذا المقال، لا يعتبر الساركويد في الغالب من أمراض المناعة الذاتية.

ما هي عوامل الخطر للإصابة بالساركويد؟

بصفة عامة، يمكن أن تزيد عوامل الجنس والعِرق والوراثة من خطر الإصابة بهذا المرض حيث وجدت الدراسات أن:

  • الساركوئيد أكثر شيوعاً عند النساء منه عند الرجال، وخاصةً فوق سن الخمسين.
  • الأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي أمريكي ومن أصول اسكندنافية هم أكثر عرضةً للإصابة بهذه الحالة؛ على الرغم من أن هذا المرض قد يصيب أي شخص.
  • الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالساركوئيد لديهم مخاطر أعلى للإصابة بالمرض.

تجدر الإشارة إلى أن الساركوئيد نادراً ما يحدث عند الأطفال، وتظهر الأعراض عادةً لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 40 عاماً.

ما هي أعراض مرض الساركوئيد؟

نتوءات-حمراء-على--الجلد

في الواقع، قد لا تظهر أي أعراض على بعض الأشخاص المصابين بهذا المرض (50% من المرضى غير عرضيين). ومع ذلك، قد تشمل الأعراض العامة كل مما يلي:

  • الحمى (ارتفاع الحرارة الشديد).
  • التعب والإرهاق.
  • فقدان الوزن.
  • تورم وألم المفاصل.
  • جفاف الفم.
  • نزيف أنفي.
  • انتفاخ في البطن.

ويمكن أن تختلف أعراض الساركوئيد بشكل كبير اعتماداً على الأعضاء المصابة. على الرغم من أنه يمكن أن يحدث في أي عضو، إلا أن الرئتان هما أكثر الأعضاء تأثراً بهذا المرض (يمكن رؤية العُقَد اللِّمفاوية المتضخمة في موضع التقاء الرئتين بالقلب أو إلى يمين الرغامى {القصبة الهوائية} من خلال تصوير الصدر بالأشعَّة السِّينية). تحديداً، قد يُسبب الساركوئيد التهاباً رئوياً ربما يؤدي في نهاية المطاف إلى تشكل الندبات والخراجات. ولحسن الحظ، فإن هذه الندبات تحدث بشكل تدريجي. ويمكن لجنس من الفطريات يسمى “الفُطُورٌ الرَشَّاشِيَّة (Aspergillus)” أن يستوطن الأكياس الهوائية في الرئتين ويتكاثر فيها؛ وبالتالي يسبب النَّزيف. وهو ما قد يجعل المريض يعاني من صعوبات وضيق شديد في التنفس. بصفة عامة، يمكن تلخيص أعراض الساركويد الرئوية على النحو التالي:

  • في البداية قد يشتكي معظم المرضى من السعال الجاف والمستمر.
  • التعب وضيق التنفس.
  • أزيز (صفير الصدر).
  • ألم في الصدر حول عظم القص.
  • تضخم الغدد الليمفاوية في الصدر وحول الرئتين.

أما الأعراض الجلدية فيمكن أن تشمل ما يلي:

  • نتوءات أو بقع حمراء مؤلمة على الجلد.
  • طفح جلدي.
  • تساقط الشعر.

وقد تشمل الأعراض الأخرى كل مما يلي:

حكة-واحمرار-في-العيون-اعراض-الساركوئيد

  • عيون حمراء ودامعة أو تشوش الرؤية.
  • حساسية للضوء.
  • تضخم الغدد الليمفاوية في الرقبة والإبطين والمنطقة الإربية.
  • صوت أجش.
  • ألم في اليدين أو القدمين أو غيرها من المناطق العظمية بسبب تكوين كيسات (نمو غير طبيعي يشبه الكيس) في العظام.
  • تشكل حصوات الكلى.
  • تضخم الكبد.
  • ضربات قلب غير طبيعية (عدم انتظام ضربات القلب).
  • التهاب التامور، أو قصور القلب.
  • اضطرابات في الجهاز العصبي مثل شلل الوجه أو فقدان السيطرة على العضلات، فقدان السمع، التهاب السحايا،
  • الاضطرابات النفسية (مثل الخرف والاكتئاب والذهان).

تشخيص الساركوئيد

قد يكون من الصعب تشخيص هذا المرض، حيث يمكن أن تكون الأعراض مشابهةً لأعراض أمراض أخرى، مثل التهاب المفاصل أو السرطان.

في الواقع، حوالي 90% من جميع الحالات ليست مميزة بما يكفي حتى يتمكن الأطباء من تشخيصها. وقد تكون أيضاً غير قابلة للكشف عن طريق أجهزة التصوير الشعاعي. لذا يجري الطبيب مجموعة متنوعة من الاختبارات لتأكيد التشخيص؛ حيث يقوم أولاً بإجراء فحص سريري شامل من أجل:

  • التحقق من وجود نتوءات جلدية أو طفح جلدي.
  • البحث عن الغدد الليمفاوية المتضخمة.
  • الإصغاء لأصوات القلب والرئتين.
  • التحقق من وجود تضخم في الكبد أو الطحال.

بناءً على النتائج فقد يطلب الطبيب اختبارات تشخيصية إضافية مثل:

تصوير-الصدر-بالاشعة

  • استخدام التصوير بالأشعة السينية لمنطقة الصدر للتحقق من وجود أورام حبيبية وتضخم الغدد الليمفاوية، واستبعاد وجود التهاب رئوي أو أذية ما في الرئة أو سرطان الرئة.
  • فحص المنطقة المصابة ومراجعة التاريخ الطبي للشخص.
  • التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET).
  • فحص الصدر بالأشعة المقطعية (الطبقي المحوري).
  • يمكن أن يساعد اختبار وظائف الرئة في تحديد ما إذا كانت سعة الرئة لديك قد تأثرت أم لا.
  • تنظير القصبات لفحص قصيبات الشعب الهوائية وأخذ خزعة (عينة صغيرة من الأنسجة) للبحث عن الأورام الحبيبية والحصول على مادة لاستبعاد العدوى. ويتضمن تنظير القصبات تمرير أنبوب صغير (منظار القصبات) إلى أسفل القصبة الهوائية وإلى قصيبات الشعب الهوائية (الممرات الهوائية) في الرئتين. ومن ثم أخذ عينة (خزعة) من الأنسجة التي يمكن فحصها بحثاً عن الأورام الحبيبية.
  • قد يطلب الطبيب أيضاً إجراء اختبارات الدم (تحاليل) لفحص وظائف الكلى والكبد.

علاج الساركوئيد

بصفة عامة، يمكن أن تساعد الأدوية المضادة للالتهابات في تقليل أعراض الساركوئيد، فتختفي الأعراض من تلقاء نفسها في نصف حالات الإصابة بهذا المرض تقريباً. أما الأعراض الشديدة أو المستمرة فتستجيب للعلاج الطبي عادةً. وعلى الرغم من عدم وجود علاج حالياً لمرض الساركوئيد، إلا أن الخيارات العلاجية متوفرة لعلاج الأعراض. تتضمن بعض الأدوية والخيارات العلاجية المتاحة ما يلي:

  • مضادات الالتهاب الستيرويدية القشرية الموضعية أو الفموية: بريدنيزون (prednisone) هو العلاج الأكثر استخداماً. عادةً ما يتم تحسين التعب والسعال المستمر باستخدام العلاج بالستيروئيد.
  • مثبطات المناعة والتي يمكن أن تساعد في تقليل الالتهاب.
  •  الأدوية الأخرى مثل: هيدروكسي كلوروكين (hydroxychloroquinel)، وعامل النخر الورمي ألفا (TNF-alpha)، والميثوتريكسات (Methotrexate).
  • الجراحة: قد يلجأ الأطباء للجراحة في بعض الحالات غير المُستجيبة للأدوية.

وتختلف فترة العلاج من حالة لأخرى، فبعض الناس يتناولون الدواء لمدة تتراوح بين عام إلى عامين، بينمتا قد يحتاج آخرون لتناول الدواء لفترة أطول من ذلك.

ما هي المضاعفات المحتملة؟

صعوبات-في-التنفس

لا يعاني معظم الأشخاص المصابين بمرض الساركوئيد من مضاعفات؛ ومع ذلك، يمكن أن يصبح الساركوئيد حالة مزمنة أو طويلة الأمد.

قد تشمل المضاعفات المحتملة الأخرى كل مما يلي:

  • التهاب الرئة.
  • السَّاد، والذي يتسم بغشاوة في عدسة العين.
  • الزَرَق، وهي مجموعة من أمراض العيون التي يمكن أن تسبب العمى.
  • فشل الكلى.
  • ضربات قلب غير طبيعية.
  • شلل في الوجه.
  • العقم أو صعوبة الحَمل.

في حالات نادرة، قد يتسبب الساركوئيد في أذية حادة في القلب والرئة، فإذا حدث هذا فقد تحتاج إلى أدوية مُثبطة للمناعة. ومن المهم الاتصال بطبيبك إذا كان لديك:

  • صعوبات في التنفس.
  • خفقان القلب، والذي يحدث عندما ينبض قلبك بسرعة كبيرة أو بطيئة جداً.
  • تغييرات في الرؤية أو فقدان الرؤية.
  • ألم في العين.
  • حساسية للضوء.
  • خَدر أو تنميل في الوجه.

حيث يمكن أن تكون هذه علامات لمضاعفات خطيرة. وتجدر الإشارة إلى أن إصابة الرئة الشديدة بالساركوئيد يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إجهاد الجانب الأيمن من القلب، والتسبب بفشل الجانب الأيمن من القلب وهو ما يعرف بالقلب الرئوي (cor pulmonale).

الخلاصة

في كثير من الأشخاص المصابين بالساركوئيد، يظهر المرض لفترة وجيزة ثم يختفي دون أن يعرف الشخص أنه مصاب بالمرض، بينما يعاني 20-30٪ من الأشخاص من ضرر دائم في الرئة، وبالنسبة لعدد قليل من الأشخاص يعتبر الساركوئيد حالة مُزمنة.

قد يؤدي المرض عند بعض الناس إلى تدهور العضو المصاب، ونادراً ما يكون الساركوئيد مميتاً حيث يكون الموت نتيجة مضاعفات في الرئتين أو القلب أو الدماغ.

مصدر Sarcoidosis Sarcoidosis oveview What is sarcoidosis?
اترك تعليقا