فرط التعرق | دليلك الشامل

Hyperhidrosis

0

التعرق هو استجابة طبيعية لظروف معينة، مثل الطقس الدافئ والنشاط البدني والتوتر ومشاعر الخوف أو الغضب. في حالة فرط التعرق، تتعرق أكثر من المعتاد بدون أي سبب واضح. السبب الأساسي والكامن وراء الحالة يعتمد على أي نوع من فرط التعرق لديك.

ما هو فرط التعرق؟

التعرق-المفرط-تحت-الابط

بدايةً يجب أن تعلم أن التعرُّق هو الآلية التي يتبعها جسمك للتبريد الذاتي. فالجهاز العصبي يثير بشكل تلقائي غدد العرق عندما ترتفع درجة حرارة الجسم، كما يمكن لراحة اليد أن تتعرَّق بشكل طبيعي عند الانفعال. أما اضطراب فرط التعرق (Hyperhidrosis) فهو حالة شائعة تؤدي إلى التعرُّق الزائد بشكل غير طبيعي وذلك نتيجة لفرط نشاط الغدد العرقية في الجسم. يمكن أن يحدث هذا التعرُّق الزائد في ظروف أو مواقف استثنائية، كما هو الحال في الطقس البارد (أي أنه لا يرتبط بالضرورة بدرجة الحرارة أو ممارسة التمارين), أو يمكن أن يحدث بدون أي محفز على الإطلاق؛ كما يمكن أن يكون ناتجاً عن حالات طبية أخرى، مثل انقطاع الطمث أو فرط نشاط الغدة الدرقية.

يمكن أن يؤثر هذا الاضطراب على منطقة واحدة محددة من الجسم أو على الجسم كله. الأكثر شيوعاً هو إصابة القدمين واليدين (فرط التعرق الراحي الأخمصي) والوجه والإبطين (فرط التعرق الإبطي). تميل مشاكل الإبط إلى الظهور في أواخر مرحلة المراهقة، بينما يبدأ تعرق راحة اليد والوحيد غالباً في سن مبكرة، حوالي 13 عاماً. قد تستمر هذه المشاكل طوال الحياة إذا ما تُركت بدون علاج.

في الواقع، يمكن أن يكون فرط التعرق مزعجاً، وقد يُسبب التعرق الشديد حالة من الإحراج والأذى النفسي الذي يدفع إلى العزلة الاجتماعية. ولحسن الحظ، هناك العديد من خيارات العلاج التي قد تساعد في التخلص من هذه المشكلة وتمنح المصابين شعوراً بالارتياح. مع الأسف، لا يسعى الكثيرون للعلاج لأنهم لا يدركون أصلاً أن لديهم حالة طبية قابلة للعلاج.

أنواع وأسباب فرط التعرق

إما أن تكون الحالة ناتجة عن حالة صحية كامنة وتسمى عندها بفرط التعرق الثانوي، أو لا يكون لها سبب واضح، وهذا ما يسمى بفرط التعرق الرئيسي (الأساسي) مجهول السبب (idiopathic).

1- فرط التعرق البؤري الأساسي (مجهول السبب)

مجهول السبب أي أنه يحدث “لسبب غير معروف” ويسمى أيضاً بالتعرق المُفرط الأولي أو الرئيسي، وهو النوع الأكثر شيوعاً. ويمكن أن يكون للوراثة دوراً في حدوثه (غالبية المرضى الذين يعانون من فرط التعرق الأولي لديهم شقيق أو والد مصاب بهذه الحالة)، فقد ينتج عن طفرة (تغيير) في الجينات. نتيجة لتلك الطفرة، تصبح الأعصاب المسؤولة عن إرسال إشارات عصبية إلى الغدد العرقية مُفرطة النشاط، دون أن يتم تحفيزها بسبب النشاط البدني أو ارتفاع درجة الحرارة؛ وتزداد المشكلة سوءاً، مع التوتر أو العصبية والانفعال. في معظم الحالات، يكون التعرق في هذا الحالة موضعياً أو بؤرياً، وعادةً ما يؤثر  على الإبطين واليدين والقدمين والرأس فقط. ويميل إلى البدء في وقت مبكر من الحياة، قبل سن 25.

2- فرط التعرق الثانوي (المعمم)

حيث يحدث تعرُّق غزير بسبب حالة صحية كامنة، مثل: السُمنة، النقرس، انقطاع الطمث، بعض أنواع السرطان، التسمم بالزئبق، داء السكري، وفرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism)؛ أو كأثر جانبي لبعض الأدوية مثل تناول مكملات الزنك، أو دواء النابروكسين (naproxen). يبدأ هذا النوع عادةً في مرحلة البلوغ (أكثر ما يحدث عند البالغين). مع هذا النوع، قد تتعرق في جميع أنحاء جسمك، أو في منطقة واحدة فقط. كما قد تتعرق أيضاً أثناء نومك.

وتشمل الحالات الطبية التي يمكن أن تُسبب هذا النوع:

  • الأمراض القلبية.
  • الأورام الخبيثة (مثل لمفوما هودجكن).
  • اضطرابات الغدة الكظرية (ورم القواتم).
  • السكتة الدماغية.
  • فرط نشاط الغدة الدرقية.
  • انخفاض سكر الدم.
  • بلوغ سن اليأس.
  • إصابات الحبل الشوكي.
  • أمراض الرئة.
  • مرض الشلل الرعاش (داء باركنسون).
  • الأمراض المُعدية، مثل السل أو فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز).
  • تناول بعض أنواع الأدوية مثل مضادات الاكتئاب التالية: بروتريبتيلين (Protriptyline)، ديسيبرامين (desipramined)، نورتريبتيلين (Nortriptyline).
  • يمكن للأشخاص الذين يتناولون دواء البيلوكاربين (‎pilocarpine) لتقليل ضغط العين ولعلاج جفاف الفم، أو الذين يتناولون الزنك كمكمل غذائي معدني، أن يعانوا أيضاً من التعرق المفرط.

وعلى الرغم من أن الأمراض العصبية وأمراض الغدد الصماء والأمراض المُعدية والأمراض الجهازية الأخرى يمكن أن تسبب أحياناً التعرُّق المُفرط؛ إلا أن معظم الحالات تحدث عند الأشخاص الأصحاء (الذين يتمتعون بصحة جيدة). الحرارة المرتفعة والعواطف الجياشة قد تؤدي أيضاً إلى حدوث التعرق المفرط لدى البعض؛ ولكن العديد ممن يعانون من فرط التعرق يتعرقون تقريباً طوال ساعات اليقظة، بغض النظر عن مزاجهم أو درجة حرارة الطقس المحيطة بهم.

الأعراض المرافقة

بصفة عامة، تشمل أعراض اضطراب فرط التعرق كل مما يلي:

  • التعرق المفرط الذي يستمر لمدة ستة أشهر على الأقل بدون سبب واضح.
  • إفراز العرق على جانبي جسمك بنفس المقدار تقريباً.
  • حدوث التعرق المفرط لمرة واحدة على الأقل في الأسبوع.
  • التعرق الشديد الذي يمنعك من ممارسة أنشطتك اليومية (مثل العمل أو العلاقات).
  • إذا بدأت تعاني من التعرق المفرط وكان عمرك أقل من 25 عاماً.

فرط-التعرق-تحت-الابط

وفقاً لموقع مايو كلينك، وبالإضافة إلى حدوث تعرُّق غزير، (قد يكون ملحوظ من خلال تبلل الملابس، وتكون راحة اليد أو باطن القدم رطبة أو مُبللة بالعرق)، قد يعاني الأشخاص المصابون بفرط التعرُّق مما يلي:

  • مشاكل الجلد المُهيجة والمؤلمة، مثل الالتهابات الفطرية أو البكتيرية.
  • القلق الدائم والمستمر من تلطيخ الملابس وتبللها.
  • الخجل الشديد.
  • شخص منسحب اجتماعياً، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى الإصابة بالاكتئاب.
  • اختيار الوظيفة التي لا يكون فيها التفاعل البشري من متطلبات الوظيفة.
  • قضاء الكثير من الوقت كل يوم في التعامل مع العرق، مثل تغيير الملابس أو تجفيف العرق أو وضع المناديل أو الفوط الصحية تحت الذراعين أو الغسيل أو ارتداء الملابس الفضفاضة ذات الألوان الداكنة.
  • القلق المستمر بشأن رائحة الجسم (عندما تختلط البكتيريا الموجودة على الجلد بجزيئات العرق تنتج رائحة كريهة).

تجدر الإشارة هنا إلى أن خبراء الصحة لا زالوا غير  متأكدين من السبب، ولكن التعرق المفرط أثناء النوم ليس شائعاً عند الأشخاص الذين يعانون من فرط التعرق الأساسي أو الأولي (النوع غير المرتبط بأي حالة طبية كامنة).

متى يجب عليك استشارة الطبيب ؟

يمكن أن يكون التعرُّق المُفرط واحداً من أعراض حالات أخرى خطيرة للغاية. اتصل بطبيبك على الفور في حال واجهت أي مما يلي:

  • تعرُّق غزير مع فقدان الوزن.
  • التعرُّق الذي يحدث بشكل رئيسي أثناء النوم.
  • إذا كان التعرق مصحوباً بحُمّى أو ألم في الصدر أو شعور بضغط في الصدر وضيق في التنفس مع سرعة ضربات القلب.
  • التعرُّق المُطول وغير المُبرر.
  • إذا كان التعرق مصحوباً بدوار أو غثيان.
  • في الحالات التي يصبح فيها التعرُّق معطلاً لروتينك اليومي أو يُسبب صعوبات عاطفية أو انسحاب اجتماعي.
  • إذا كنت تعاني من التعرُّق الليلي بدون سبب واضح.

كيف يتم تشخيص فرط التعرق؟

سيسألك طبيبك عن تاريخك الطبي وأعراضك، وقد تحتاج أيضاً إلى فحص جسدي أو اختبارات لتقييم سبب حالتك بشكل أكبر. يتم الاستفسار عن نمط التعرق، وما هي أجزاء الجسم المتأثرة، وعدد مرات حدوث نوبات التعرق، وما إذا كان التعرق يحدث أثناء النوم أم لا. قد يُطرح على المريض سلسلة من الأسئلة، أو قد يضطر إلى ملء استبيان حول تأثير التعرق المفرط على حياته؛ قد تشمل الأسئلة:

  • هل تحمل باستمرار أي شيء للتعامل مع نوبات التعرق المفرط، مثل المناديل ومضادات التعرق والمناشف أو الفوط؟
  • هل يؤثر فرط التعرق على سلوكك أو حالتك النفسية عندما تكون في الأماكن العامة أو على عملك؟
  • كم مرة تغير ملابسك في اليوم؟
  • كم مرة تغتسل أو تستحم يومياً؟

بعد ذلك قد يطلب الطبيب إجراء بعض الاختبارات (التحاليل):

  • الفحوصات المخبرية: قد يوصي طبيبك بإجراء فحوصات الدم أو البول أو فحوص مخبرية أخرى لمعرفة ما إذا كان التعرق ناتجاً عن حالة طبية أخرى، مثل فرط نشاط الغدة الدرقية (فرط إفراز الدرق: Hyperthyroidism) أو انخفاض نسبة السكر في الدم (نقص السكر في الدم).
  • اختبار العرق لتنظيم الحرارة: حيث يوضع مسحوق حساس للرطوبة على الجلد. وعندما يحدث التعرق المفرط في درجة حرارة الغرفة، يتغير لون المسحوق. ثم يتم تعريض المريض للحرارة العالية والرطوبة في كبينة أو غرفة خاصة، مما يؤدي إلى التعرق في جميع أنحاء الجسم. عند التعرض للحرارة، يميل الأشخاص الذين لا يعانون من اضطراب فرط التعرُّق إلى التعرُّق بشكل مفرط في راحة أيديهم، ولكن المرضى الذين يعانون من هذا الاضطراب يحدث لديهم ذلك حتى في درجات الحرارة العادية. يساعد هذا الاختبار الطبيب أيضاً في تحديد مدى خطورة الحالة.
  • اختبار نشا اليود: يتم تطبيق محلول اليود على المنطقة المُتعرقة ثم يُرش النشا فوق محلول اليود. إذا كان هناك تعرُّق زائد، يتحول المحلول إلى اللون الأزرق الداكن.
  • اختبار الورق: يتم وضع ورقاً خاصاً على المنطقة المصابة لامتصاص العرق، ثم يتم وزن الورق لتحديد مقدار التعرق.

علاج التعرق المفرط

حقن-البوتوكس-تحت-الابط

في الواقع، هناك العديد من الخيارات العلاجية  لهذه الحالة:

  • قد يصف الطبيب مضاداً للتعرق يحتوي على كلوريد الألومنيوم. ويعتبر هذا النوع من مضادات التعرق أقوى من تلك المتاحة بدون وصفة طبية وغالباً ما تستخدم لعلاج الحالات الخفيفة من اضطراب التعرُّق المُفرط.
  • الرحلان الشاردي (Iontophoresis): يستخدم هذا الإجراء جهازاً يوفر تيارات كهربائية منخفضة المستوى أثناء غمر المريض في الماء. غالباً ما يتم توصيل التيارات إلى اليدين أو القدمين أو الإبطين لإغلاق الغدد العرقية مؤقتاً. يحتاج معظم المرضى من جلستين إلى أربع علاجات تتراوح مدتها بين 20 و 30 دقيقة.
  • أدوية مضادة للكولين: يمكن أن توفر الأدوية المضادة للكولين الراحة للمصاب بالتعرق الثانوي (المعمم)، حيث تمنع هذه الأدوية الأستيل كولين الذي يحفز الغدد العرقية من العمل. وعادةً ما تستغرق هذه الأدوية حوالي أسبوعين لتعمل بشكل فعال، ولكن ضع في اعتبارك أنها قد تسبب آثاراً جانبية مثل الإمساك والدوخة.
  • حقن البوتوكس Botox (botulinum toxin): بغرض تثبيط الأعصاب التي تقوم بتحفيز الغدد العرقية، وعادةً ما تكون هناك حاجة إلى عدة حقن قبل أن يصبح هذا العلاج فعالاً.
  • الجراحة: إذا كنت تعاني من التعرق في الإبط فقط، فقد تتمكن الجراحة من علاج حالتك. تتضمن إحدى الإجراءات إزالة الغدد العرقية في الإبط. من الخيارات الجراحية الأخرى أيضاً إجراء قطع الودي الصدري بالمنظار، يتضمن ذلك قطع الأعصاب التي تنقل الإشارات العصبية إلى الغدد العرقية.

هل يمكن علاج فرط التعرق في المنزل؟

واقيات-الابط

في الواقع، قد تساعد بعض التغييرات في النشاط اليومي ونمط الحياة على تحسين الأعراض، مثل:

  • ضع في اعتبارك أن مضادات التعرق المتاحة دون وصفة طبية لا تقوم بإيقاف التعرُّق؛ ولكن بعض مضادات التعرق الموصوفة طبياً والتي تتضمن كلوريد الألومنيوم (الذي يعمل على سد الغدد العرقية) تقوم بالتقليل من أو إيقاف التعرُّق.
  • واقيات الإبط: وهي عبارة عن وسادات تُلبس في الإبط لحماية الملابس من امتصاص العرق والتبلل.
  • الاستحمام يومياً للتخلص من البكتيريا.
  • لبس الأحذية والجوارب المصنوعة من مواد طبيعية (الجلد والقطن).
  • تغيير الجوارب بشكل متكرر.

إذا لم تكن هذه الإجراءات المنزلية فعالة، فقد يساعدك العلاج الطبي بكل تأكيد.

الخلاصة

التعرق هو آلية الجسم لتهدئة نفسه، حيث يحفز الجهاز العصبي تلقائياً الغدد العرقية عندما ترتفع درجة حرارة الجسم. يحدث التعرق أيضاً بشكل طبيعي، خاصة في راحة اليدين، عند التوتر والانفعال. ولكن قد تكون أعراض التعرق المفرط شديدة لدرجة أنها تصبح محرجة وتسبب الشعور بعدم الراحة والقلق. تتأثر الخيارات المهنية للمريض وأنشطة وقت الفراغ والعلاقات الشخصية والاجتماعية.

لحسن الحظ، هناك العديد من الخيارات التي يمكن أن تعالج الأعراض بشكل فعال. قد يزول التعرق المفرط الناجم عن حالة كامنة عند علاج هذه الحالة، سيساعدك طبيبك في وضع خطة علاج حتى تتمكن من تدبير الأعراض.

مصدر What is Hyperhidrosis? Excessive Sweating (Hyperhidrosis) Hyperhidrosis Disorder (Excessive Sweating)
اترك تعليقا