لماذا الأطعمة المقلية ضارة بالصحة ؟

تعتبر الأطعمة المقلية في نظر الكثير من الأطباء وخبراء التغذية سموماً

0

ما هي حقيقة الأطعمة المقلية … !! هل هي ضارة أم مفيدة لصحة الإنسان ؟؟

في الواقع، إن القلي في الزيت العميق هي طريقة شائعة للطهي تُستخدم في جميع أنحاء العالم. وغالباً ما تستخدمها المطاعم وسلاسل مطاعم الوجبات السريعة كوسيلة سريعة وغير مكلفة لإعداد الطعام. تشمل الأطعمة المقلية الشعبية كل من السمك والبطاطس وشرائح الدجاج وأصابع الجبنة، مع العلم أنك تستطيع أن تقلي أي شيء تقريباً.

من الناحية الأخرى، يحب الكثير من الناس طعم الأطعمة المقلية. ومع ذلك، تميل هذه الأطعمة إلى أن تكون غنية بالسعرات الحرارية والدهون غير المشبعة؛ لذا فإن تناول الكثير منها يمكن أن يكون له آثار سلبية على صحتنا.

يشرح هذا المقال سبب اعتبار الأطعمة المقلية مضرة للصحة ويحتوي على طرق بديلة أصح (صحية أكثر) للطهي.

 

الأطعمة المقلية غنية بالحريرات

دجاج-ناغت

يضيف القلي العميق الكثير من السعرات الحرارية إلى الأطعمة مقارنة بطرق الطهي الأخرى. فمثلاً، بالنسبة للمقبلات، عادةً ما تُغطّى هذه الأطعمة المقلية بالصلصات أو الطحين قبل القلي. وكذلك، فعندما تُقلى الأطعمة في الزيت، فإنها تفقد الماء وتمتص الدهون، مما يزيد من محتواها من السعرات الحرارية.

بشكل عام، الأطعمة المقلية أغنى بكثير بالدهون والسعرات الحرارية من نظيراتها غير المقلية. على سبيل المثال، تحتوي حبة بطاطس صغيرة (100غ) مخبوزة على 93 سعرة حرارية و 0غ من الدهون، في حين احتواء نفس الكمية (100غ) من البطاطس المقلية على 319 سعرة حرارية و 17غ من الدهون. مثال آخر، تحتوي 100غ من سمك القد المخبوز على 105 سعرات حرارية و 1غ من الدهون، بينما تحتوي نفس كمية السمك مقلية على 232 سعرة حرارية و 12غ من الدهون.

في نهاية المطاف، وكما ترون، تتضاعف كمية السعرات الحرارية بسرعة عند تناول الأطعمة المقلية.

 

“الأطعمة المقلية تحتوي على سعرات حرارية أكثر من نظيرتها غير المقلية. تناول الكثير منها يمكن أن يزيد بشكل كبير من السعرات الحرارية التي تتناولها”

 

عادة ما تكون الأطعمة المقلية غنية بالدهون المتحولة

الأطعمة-المقلية-دجاج-مقلي

تتشكل الدهون المتحولة (Trans fats) عندما تخضع الدهون غير المشبعة (unsaturated fats) لعملية تسمى “الهدرجة”. غالباً ما يُهدرج مصنعو المواد الغذائية الدهون باستخدام الضغط العالي وغاز الهيدروجين لزيادة فترة صلاحيتها. ولكن الهدرجة تحدث أيضاً عند تسخين الزيوت إلى درجات حرارة عالية جداً أثناء الطهي. وتغير عملية الهدرجة هذه من التركيب الكيميائي للدهون، وهذا يجعل تحليلها صعباً على جسمك، الأمر الذي قد يؤدي في النهاية إلى آثار صحية سلبية.

في الواقع، ترتبط الدهون غير المشبعة بزيادة خطر الإصابة بأمراض عديدة، مثل أمراض القلب والسرطان والسكري والسُمنة. ونظراً لطهي الأطعمة المقلية في الزيت على درجات حرارة مرتفعة للغاية، فمن المحتمل أن تحتوي على دهون متحولة.

علاوة على ذلك، غالباً ما تُطهى الأطعمة المقلية في زيوت نباتية أو زيوت البذور، والتي قد تحتوي على دهون متحولة حتى قبل تسخينها. حيث وجدت إحدى الدراسات الأمريكية التي أجريت على زيوت فول الصويا والكانولا أن ما يتراوح بين 0.6 و 4.2% من محتواها من الأحماض الدهنية هو عبارة عن دهون غير مشبعة (trans fats). وعندما يتم تسخين هذه الزيوت إلى درجات حرارة عالية، أثناء القلي مثلاً، فيمكن أن يزيد محتواها من هذه الدهون غير المشبعة (المتحولة). في الواقع، وجدت إحدى الدراسات أنه في كل مرة يُعاد استخدام الزيت في القلي، فإن محتواه من الدهون الغير مشبعة يزيد.

من ناحية أخرى، من المهم التمييز بين هذه الدهون غير المشبعة المُصنّعة (الاصطناعية) والدهون غير المشبعة التي توجد بشكل طبيعي في الأطعمة مثل اللحوم ومنتجات الألبان. حيث لم يثبت أن لهذه الأخيرة نفس الآثار السلبية التي تسببها الدهون الموجودة في الأطعمة المقلية والمُعالجة.

 

“غالبا ما تُطهى الأطعمة المقلية في الزيوت النباتية المُعالجة أو زيوت البذور المعالجة. عند تسخينها، يمكن لهذه الزيوت أن تشكل دهوناً غير مشبعة ترتبط بعدد من المشكلات الصحية، مثل زيادة خطر الإصابة بأمراض عديدة”

 

قد يزيد تناول الأطعمة المقلية احتمال الإصابة بالأمراض

وجدت العديد من الدراسات على البالغين ارتباطاً بين تناول الأطعمة المقلية وخطر الإصابة بالأمراض المزمنة. بشكل عام، يرتبط تناول كميات أكبر من الأطعمة المقلية بخطر أكبر للإصابة بمرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب والسُمنة.

 

أمراض القلب

امراض-القلب

قد يساهم تناول الأطعمة المقلية في كل من ارتفاع ضغط الدم وانخفاض نسب الكوليسترول الجيد (HDL) والإصابة بالسُمنة. وكلها من عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب.

في الواقع، وجدت دراستان قائمتان على الملاحظة أن خطر الاصابة بأمراض القلب يزيد بزيادة كمية الأطعمة المقلية التي يتم تناولها. حيث وجدت إحدى الدراسات أن النساء اللواتي يتناولن حصة واحدة أو أكثر من الأسماك المقلية أسبوعياً يزيد لديهم خطر الإصابة بقصور القلب بنسبة 48٪ مقارنة مع اللواتي تناولن 1-3 حصص شهرياً. 

من ناحية أخرى، ارتبطت زيادة تناول السمك المخبوز أو المشوي بانخفاض هذا الخطر. حيث وجدت دراسة أخرى قائمة على الملاحظة أن اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة المقلية يرتبط بازدياد كبير في خطر الإصابة بنوبة قلبية. وفي الوقت نفسه، كان أولئك الذين اتّبعوا نظاماً غذائياً غنياً بالفواكه والخضروات أقل عرضة لهذا الخطر.

 

داء السكري

وجدت العديد من الدراسات أن تناول الأطعمة المقلية يعرضك لخطر أكبر للإصابة بمرض السكري من النوع 2. حيث وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين تناولوا الوجبات السريعة أكثر من مرتين في الأسبوع كانوا أكثر عرضة بضعفين للإصابة بمقاومة الإنسولين. مقارنةً بأولئك الذين تناولوها أقل من مرة واحدة في الأسبوع.

علاوة على ذلك، بينت دراستان واسعتان قائمتان على الملاحظة وجود ارتباط وثيق بين عدد المرات التي تناول فيها المشاركون الطعام المقلي وخطر الإصابة بداء السكري من النوع 2. أولئك الذين استهلكوا 4-6 حصص من الطعام المقلي في الأسبوع كانوا أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع 2 بنسبة 39٪. مقارنةً بأولئك الذين استهلكوا أقل من حصة واحدة في الأسبوع. وبالمثل، فإن أولئك الذين تناولوا الطعام المقلي سبع مرات أو أكثر في الأسبوع كانوا أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع 2 بنسبة 55٪. مقارنةً بأولئك الذين استهلكوا أقل من حصة واحدة في الأسبوع.

 

السُمنة

الأطعمة-المقلية-السمنة

تحتوي الأطعمة المقلية على سعرات حرارية أكثر من نظيراتها غير المقلية. نتيجة لذلك، فإن تناول الكثير منها يمكن أن يزيد بشكل كبير من السعرات الحرارية التي تتناولها.

علاوة على ذلك، تشير الدراسات إلى أن الدهون المتحولة في الأطعمة المقلية قد تلعب دوراً مهما في زيادة الوزن. وذلك لأنها يمكن أن تؤثر على الهرمونات التي تنظم الشهية وعملية تخزين الدهون. حيث وجدت دراسة أجريت على القرود أنه حتى في غياب السعرات الحرارية الإضافية، فإن استهلاك الدهون المتحولة زاد بشكل كبير من دهون البطن. وبالتالي، فقد تكون المشكلة هي نوع الدهون وليس كمية الدهون.

في الواقع، وجدت دراسة قائمة على الملاحظة راجعت النظام الغذائي لـ 41،518 امرأة على مدى 8 سنوات أن زيادة تناول الدهون المتحولة (trans fat) بنسبة 1٪ أدت إلى زيادة الوزن بمقدار 0.54 كغ لدى النساء ذوات الوزن الطبيعي. أما بالنسبة للنساء اللواتي يعانين من زيادة الوزن أصلاً، فقد أدت زيادة تناول الدهون المتحولة بنسبة 1٪ إلى زيادة الوزن بمقدار 1.04 كغ على مدار الدراسة. وفي الوقت نفسه، لم ترتبط الزيادات في تناول واستهلاك الدهون أحادية الـ لاإشباع والدهون متعددة الـ لاإشباع (monounsaturated and polyunsaturated fat) بزيادة الوزن على الإطلاق.

بغض النظر عما إذا كان سبب ذلك هو أن الطعام المقلي يحتوي على نسبة عالية من السعرات الحرارية أو الدهون المتحولة؛ إلا أن العديد من الدراسات القائمة على الملاحظة أظهرت ارتباطاً وثيقاً بين تناول هذه الأطعمة والسُمنة.

 

“الأفراد الذين يتناولون الأطعمة المقلية بانتظام قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسكري من النوع 2 وأمراض القلب والسمنة. يبدو أنه كلما زادت الكمية التي تتناولها من هذه الأطعمة، كلما زاد خطر إصابتك بتلك الأمراض”

 

قد تحتوي الأطعمة المقلية على مادة الأكريلاميد الضارة

الاكريلاميد

مادة الأكريلاميد (Acrylamide) هي مادة سامة يمكن أن تتشكل في الأطعمة أثناء الطهي على درجة حرارة مرتفعة، مثل القلي أو التحميص أو الخَبز.

في الواقع، تَنتُج هذه المادة عن تفاعل كيميائي بين السكريات وحمض أميني يسمى الأسباراجين. وعادةً ما تحتوي الأطعمة النشوية مثل منتجات البطاطا المقلية والمخبوزات على تراكيز أعلى منها.

وجدت الدراسات على الحيوانات أن الأكريلاميد قد يكون من عوامل خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطان. ومع ذلك، استخدمت معظم هذه الدراسات جرعات عالية جداً من مادة الأكريلاميد تتراوح بين 1000-10000 ضعف من متوسط الكمية التي قد يحصل عليها البشر من خلال النظام الغذائي.

وفي حين أن حفنة من الدراسات البشرية (الدراسات التي أجريت على البشر) حققت في آثار تناول مادة الأكريلاميد، إلا أن الأدلة لا تزال متضاربة. حيث وجدت إحدى المراجعات وجود ارتباط طفيف بين استهلاك مادة الأكريلاميد والإصابة بسرطان الكلى وبطانة الرحم والمبيض عند البشر. بينما تشير دراسات أخرى إلى أن تناول مادة الأكريلاميد لا يتعلق بخطر الإصابة بأي نوع من أنواع السرطان الشائعة.

 

“تشير الدراسات التي أجريت على الحيوانات إلى أن تناول مادة الأكريلاميد قد يزيد من خطر الإصابة بأنواع عديدة من السرطان. ولكن لا زال هناك حاجة لمزيد من الدراسات على البشر”

 

زيوت قلي أسلم وطرق طهي بديلة

إذا كنت تستمتع بطعم الأطعمة المقلية، ففكر في طهيها في المنزل باستخدام زيوت أصح أو طرق قلي بديلة. فيما يلي سنقدم لك لمحة عن بعض أنواع هذه الزيوت الصحية. 

 

الزيوت الصحية

يؤثر نوع الزيت المستخدم في القلي بشكل كبير على المخاطر الصحية المرتبطة بتناول الأطعمة المقلية. حيث يمكن لبعض الزيوت تحمّل درجات حرارة أعلى بكثير من غيرها، مما يجعلها أسلم للاستخدام.

بشكل عام، الزيوت التي تتكون في أغلبها من الدهون المشبعة وأحادية الـ لاإشباع (saturated and monounsaturated fats) هي الأكثر استقراراً عند تسخينها. زيت جوز الهند وزيت الزيتون وزيت الأفوكادو من بين الأصح منها.

زيت-جوز-الهند-للطبخ

1- زيت جوز الهند: 

أكثر من 90٪ من الأحماض الدهنية في زيت جوز الهند مُشبعة، مما يجعلها شديدة المقاومة للحرارة. في الواقع، أظهرت الدراسات أن جودتها لا تنخفض حتى بعد 8 ساعات من القلي العميق المستمر.

2- زيت الزيتون: 

يحتوي زيت الزيتون في الغالب على دهون أحادية الـ لاإشباع، الأمر الذي يجعله مستقر نسبياً بما يكفي للطهي عالي الحرارة. حيث وجد أحد التحليلات أنه يمكن استخدام زيت الزيتون في القلي العميق لمدة تصل إلى 24 ساعة قبل أن يصل معدل الأكسدة إلى درجة معتبرة.

3- زيت الأفوكادو: 

تركيب زيت الأفوكادو يشبه تركيب زيت الزيتون إلى حد كبير. كما أن لديه تحمّل هائل لدرجات الحرارة العالية للغاية مما يجعله مثالياً للقلي العميق.

 في نهاية المطاف، قد يقلل استخدام هذه الزيوت الصحية من بعض المخاطر المرتبطة بتناول الأطعمة المقلية.

 

الزيوت غير الصحية

زيوت الطهي التي تحتوي على كمية عالية من الدهون متعددة الـ لاإشباع (polyunsaturated fats) أقل استقراراً بكثير ومعروفة بأنها تُشكل مادة الأكريلاميد عند تعرضها للحرارة العالية. وهي تشمل على سبيل المثال لا الحصر زيت كل من:

الأطعمة-المقلية

  • الكانولا.
  • الصويا.
  • بذور القطن.
  • الذرة.
  • السمسم.
  • عباد الشمس.
  • نبات القرطم.
  • زيت بذور العنب.
  • نخالة الأرز.

 

في الحقيقة، هذه الزيوت المذكورة أعلاه هي زيوت مُعالجة، وما يصل إلى 4٪ من محتواها من الأحماض الدهنية هي دهون متحولة قبل القلي.

ولسوء الحظ، يتم استخدام هذه الزيوت بشكل شائع في المطاعم وسلاسل الوجبات السريعة، لأنها تميل إلى أن تكون أرخص. لا يجب عليك تجنب هذه الزيوت في القلي العميق فقط، بل يجب أن تحاول تجنبهاً تماماً.

 

بدائل القلي التقليدي

قد ترغب أيضاً في التفكير في بعض طرق الطهي البديلة، مثل:

القلي في الفرن: 

تتضمن هذه الطريقة خبز الأطعمة على درجة حرارة عالية جداً (232 درجة مئوية). وهو الأمر الذي يسمح للأطعمة بأن تصبح مقرمشة باستخدام كمية قليلة إلى منعدمة من الزيت.

القلي بالهواء: 

يمكنك أيضاً قلي الأطعمة في مقلاة الهواء الساخن. حيث تعمل هذه الآلات عن طريق تدوير الهواء الساخن للغاية حول الطعام. تُنتج هذه الطريقة أطعمة مقرمشة من الخارج ورطبة جداً من الداخل، على غرار الأطعمة المقلية تقليدياً، ولكن باستخدام زيت أقل بنسبة 70-80٪.

 

“يعد زيت جوز الهند وزيت الزيتون وزيت الأفوكادو من بين الزيوت الأكثر صحية لقلي الأطعمة. يمكنكم أيضاً قلي الأطعمة في الفرن أو بقلايات الهواء. هذه الطرق تؤدي إلى نتائج مماثلة باستخدام كميات قليلة جداً من الزيت”

 

الخلاصة

يمكن أن يكون لاستهلاك الأطعمة المقلية في زيوت غير مستقرة أو غير صحية العديد من الآثار السلبية على  الصحة. في الواقع، إن تناولها بانتظام يمكن أن يعرضك لخطر أكبر للإصابة بأمراض مثل مرض السكري وأمراض القلب والسُمنة. لذلك، من الأفضل تجنب تناول الأطعمة المقلية أو الحد منه على الأقل.

ولحسن الحظ، هناك العديد من طرق الطهي الأخرى والدهون الصحية التي يمكنك استخدامها.

مصدر Pub Med PMC onlinelibrary
اترك تعليقا