كل ما تريد معرفته عن البروستاغلاندينات

"Prostaglandins"

0

البروستاغلاندينات (Prostaglandins) هي مركبات دهنية نشطة مشابهة للهرمونات من ناحية عملها كـ “نواقل كيميائية”. ولكنها على عكس معظم النواقل الكيميائية الأخرى، لا تُفرز من غدة؛ بدلاً من ذلك، يتم إنتاجها أثناء تفاعل كيميائي مباشرةً في الموقع (الجزء المصاب من الجسم) الذي تحدث فيه إصابة أو مشكلة أخرى. وهي مشتقة إنزيمياً من مادة واحدة هي الحمض الدهني المعروف بحمض الأراكيدونيك (arachidonic acid)، الذي يُشتق بدوره من الدهون الفوسفورية الموجودة في أغشية الخلايا (1).

في الواقع، هي مركبات هامة جداً لأن تأثيراتها تختلف باختلاف المستقبلات التي ترتبط أو تلتصق معها، تشمل بعض تأثيراتها المعروفة التحكم في عمليات مثل: الالتهاب، تدفق الدم وتخثره، وزيادة الحساسية للألم، إلى جانب تحريض المخاض (تقلصات الرحم). على سبيل المثال، عندما تصاب بجرح أو أذية ما، تبدأ عملية معقدة من الالتهاب وتخثر الدم في موقع الإصابة تحديداً؛ والبروستاغلاندينات هي مجموعة من الدهون التي تشكل جزءاً من هذه العملية.

من ناحية أخرى، يمكن أن تحد مشاكل البروستاغلاندينات – إن وجدت – من عملية شفائك، وقد تتسبب في زيادة الالتهاب والألم، كما قد تؤثر على صحتك العامة. وتجدر الإشارة إلى أن الباحثين استحدثوا بروستاغلاندنيات اصطناعية لاستخدامها في الأدوية التي تساهم في تحريض المخاض.

ما هي وظيفة البروستاغلاندينات ؟

في الواقع، البروستاغلاندينات هي مركبات فريدة من نوعها لأن لها تأثيرات شبيهة بالهرمونات. أي أنها تؤثر على ردود الفعل في الجسم عندما تكون موجودة في أنسجة معينة. ولكنها على عكس الهرمونات، لا يتم إفرازها من غدة معينة. بدلاً من ذلك، يمتلك الجسم عدد من الأنسجة التي يمكن أن تنتجها. وهي جزء من طريقة الجسم في التعامل مع الإصابة والمرض.

تتحكم البروستاغلاندينات في العديد من العمليات في الجسم، خاصةً فيما يتعلق بعملية الشفاء. فهي تعمل كإشارات للتحكم في العديد من العمليات المختلفة اعتماداً على جزء الجسم الذي تم صنعها فيه. حيث يتم صنع هذه المركبات في مواقع تلف الأنسجة أو العدوى، ويمكن لها أن تسبب الالتهاب والألم والحمى كجزء من عملية التعافي أو الشفاء.

انقباض-تقلص-الاوعية-الدموية

الأمر الآخر المثير للاهتمام، هو أن الأنواع المختلفة من البروستاغلاندين لها تأثيرات مختلفة. وفي كثير من الأحيان تكون هذه التأثيرات متناقضة تماماً (متعاكسة). الأمثلة على ذلك تشمل:

  • انقباض أو تمدد الأوعية الدموية.
  • تشكيل الصفائح الدموية بشكل تكتلات أو تفتيتها.
  • فتح أو إغلاق الممرات الهوائية.
  • تقلص أو إرخاء العضلات الملساء في الجهاز الهضمي.
  • تسبب تقلصات الرحم أثناء الحمل وعندما لا تكوني حاملاً أيضاً.

كما ترى، تلعب البروستاغلاندينات مجموعة متنوعة من الأدوار في الجسم. ولا يزال الأطباء يكتشفون كافة الطرق التي قد تؤثر بها على الإنسان.

كيف تؤثر البروستاغلاندينات على جسمك؟

البروستاغلاندين لها تأثيرات كبيرة، ولكن في الوقت نفسه لها محدوديّات تنظم عملها وتُقيد إمكانياتها. فعادةً ما تكون فترة حياة هذه المركبات قصيرة، حيث يتم تكسيرها بسرعة بواسطة الجسم وتصنيعها من جديد لتمارس نشاطها في المكان الذي تكون هناك حاجة لها فيه، أي أنها لا تنتقل من مكان لآخر داخل الجسم. ولهذا السبب، يمكن أن تؤثر فقط على الخلايا القريبة. وهذا هو سبب وجود هذه المركبات في كافة أنحاء الجسم لممارسة التأثيرات التالية:

1- الدورة الشهرية:

الام-الدورة-الشهرية

توجد مستقبلات البروستاغلاندين عند المرأة في الرحم سواء كانت حاملاً أم لا. لذا يعتقد الأطباء أن البروستاغلاندين قد تكون مسؤولة عن تقلصات الرحم التي يمكن أن تسبب دورة شهرية مؤلمة.

تناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، مثل الإيبوبروفين، يمنع تأثير البروستاغلاندين وبالتالي قد يساعد في تقليل آلام الدورة الشهرية.

2- الحمل:

في أواخر الحمل، تبدأ المرأة في تكوين عدد أكبر من أنواع معينة من البروستاغلاندين في أنسجة الرحم. وتشمل هذه الأنواع: PGE2 و PGE2a. حيث يعتقد الأطباء أن هذه الأنواع هي المسؤولة عن حدوث تقلصات الرحم.

وتعتبر التقلصات التي تسببها البروستاغلاندينات جزءاً مما يمكن أن يساعد في تحريك الطفل إلى أسفل قناة الولادة استعداداً للولادة. وقد يصف الأطباء أيضاً أدوية البروستاغلاندين التي ترتبط بمستقبلات البروستاغلاندين في الرحم للحث على المخاض.

3- الإجهاض:

قد يصف الأطباء أدوية البروستاغلاندين لإحداث تقلصات الرحم. و بالتالي يمكن أن يؤدي هذا التأثير إلى الإجهاض أو إنهاء الحمل. فمثلاً، قد يصف الأطباء دواء الميزوبروستول (misoprostol) للإجهاض في الثلث الأول من الحمل، وأحياناً قد يوصف بالاشتراك مع أدوية أخرى. كما قد يصف الأطباء أيضاً دواء الميزوبروستول نفسه في حالة حدوث الإجهاض، حيث يمكن أن يساعد هذا الدواء الرحم على طرح نواتج الحمل. وبالتالي هذا يمكن أن يقلل من المضاعفات بعد الإجهاض ويعزز فرصة الحمل مرة أخرى.

4- الشفاء العام:

يمكن أن يكون للبروستاغلاندين آثار علاجية، في المعدة على وجه الخصوص. حيث أنها تقلل من إنتاج حمض المعدة مع تحفيز إفراز المخاط الواقي في الجهاز الهضمي. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر البروستاغلاندين أيضاً على تخثر الدم فتمنع النزيف. كما أنها تساعد في إذابة الجلطات عندما يتعافى الشخص.

5- ارتفاع ضغط العين:

قطرة-العين

يمكن أن تلعب البروستاغلاندينات دوراً في تخفيض الضغط داخل العين. لهذا السبب، قد يصف الأطباء قطرات عينية تساعد في خفض ضغط العين. وبالتالي يمكن أن يساعد هذا التأثير للبروستاغلاندين في علاج حالات مثل الزَرَق (glaucoma).

6- الالتهاب و الألم:

يمكن للبروستاغلاندنيات أن تعزز الحد من أو تخفيف الألم، وفي الوقت نفسه، فهي يمكن أن تسبب الألم أيضا. على  سبيل المثال، مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، مثل دواء نابروكسين (naproxen Aleve)، تمنع تكوين البروستاغلاندين، وهو الأمر الذي يساهم في تسكين أو تخفيف الألم.

أما بالنسبة للالتهاب فقد وجد الأطباء أن هناك تركيزات عالية من البروستاغلاندين موجودة في مناطق الالتهاب. إذ أن البروستاغلاندين يمكن أن يكون لها مجموعة متنوعة من التأثيرات الالتهابية، بما في ذلك التسبب في توسع الأوعية، والتسبب في الحمى، وتوظيف الخلايا المشاركة في ردود الفعل التحسسية. كما حدد الأطباء أيضاً نوع البروستاغلاندين PGE2 على أنه الذي يُسبب الاحمرار والتورم والألم.

وفي حين أن الالتهاب ليس جيدا دائماً، إلا أنه ليس سيئاً دائماً أيضاً. فالالتهاب هو أحد الخطوات المبكرة للشفاء. ولكن الالتهاب المُطَوّل قد يصبح مشكلة خطرة عندما يرتبط بالألم المُزمن والمرض.

ما هي مضاعفات زيادة البروستاغلاندينات أو نقصها في الجسم؟

في الواقع، يمكن أن يؤدي وجود كمية كبيرة جداً أو كمية قليلة جداً من البروستاغلاندينات في الجسم إلى مضاعفات ومشاكل صحية عديدة. حيث تشمل مشاكل الكمية الكبيرة جداً من البروستاغلاندين: التهاب المفاصل التنكسي وتقلصات الدورة الشهرية، إضافةً إلى الالتهاب غير المرغوب به وأمراض مزمنة عديدة. أما في حال كانت كمية البروستاغلاندين قليلة جداً فقد تشمل المضاعفات حينها: الزَرَق (glaucoma) أو ارتفاع ضغط العين، وقرحة المعدة، إلى جانب تأخر الشفاء وعدم بدء المخاض لدى الحوامل.

ما هي الأدوية التي تؤثر على البروستاغلاندينات؟

تقوم شركات الأدوية بتصنيع عدد من الأدوية التي تؤثر على البروستاغلاندين في الجسم. وهذه الأدوية متنوعة تماماً مثل تنوع تأثيرات البروستاغلاندينات نفسها. وتشمل:

  • بيماتوبروست (Bimatoprost): يستخدم هذا الدواء لعلاج الزَرَق وكذلك لتعزيز نمو رمش العين.
  • كاربوبروست (Carboprost): يُنتج هذا الدواء تقلصات الرحم التي قد تساعد في تقليل نزيف ما بعد الولادة.
  • دينوبروستون (Dinoprostone): يستخدم هذا الدواء لتعزيز المخاض عن طريق توسيع عنق الرحم عند المرأة.
  • ميزوبروستول (Misoprostol): هذا الدواء له استخدامات متنوعة، بما في ذلك منع قرحة المعدة، والحث على المخاض، وكذلك للحث على الإجهاض. قد يصفه الأطباء أيضاً لتقليل نزيف ما بعد الولادة.
  • لاتانوبروست (Latanoprost): وهي عبارة عن قطرة للعين توصف لعلاج الزَرَق (الجلوكوما).

تجدر الإشارة إلى أن الأدوية مثل مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية تساعد أيضاً على تقليل الانزعاجات والالتهابات التي تسببها البروستاغلاندينات.

متى يتوجب عليك رؤية الطبيب؟

يعد عسر الطمث (Dysmenorrhea)، أو الدورات الشهرية المؤلمة، أحد أكثر الاضطرابات المرتبطة بالبروستاغلاندين شيوعاً والتي قد تستدعي زيارة الطبيب. عادةً ما يكون ألم الدورة الشهرية المرتبط بالبروستاغلاندين أسوأ عندما تبدأ الدورة الشهرية لأول مرة وتتحسن مع تقدم العمر.

تحدثي إلى طبيبكِ إذا كنتِ تعانين من حيض مؤلم (الدورة الشهرية المؤلمة) وكنتِ لا تشعرين بتحسن عند تناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية. ففي بعض الأحيان، لا ترتبط الدورات الشهرية المؤلمة بالبروستاغلاندينات وحدها، بل تكون تابعة لحالة طبية أساسية، مثل الانتباذ البطاني الرحمي (endometriosis) أو الأورام الليفية الرحمية (uterine fibroids).

الخلاصة:

البروستاغلاندينات مركبات مهمة طبياً يمكن أن تسبب الألم أوتخففه. اكتشف الأطباء طرقاً لاستخدامها لدعم المخاض وتقليل مخاطر نزيف ما بعد الولادة. وعندما يتعلق الأمر بالدورة الشهرية المؤلمة، يمكن أن تساعد مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية في منع بعض تأثيرات البروستاغلاندين غير المرغوب فيها.

و إذا لم يساعد ذلك في التحكم بألمك المزمن، فتحدث إلى طبيبك حول خيارات العلاج الأخرى أو الأسباب الكامنة المحتملة وراء هذا الألم المزمن.

مصدر yourhormone.info hormone.org sciencedirect
اترك تعليقا