ما هو داء الليشمانيات ؟

(leishmaniasis)

0

داء الليشمانيات (leishmaniasis) هو مرض طفيلي يسببه طفيل الليشمانيا. يعيش هذا الطفيل عادة في ذباب الرمل المصاب (ذباب الرمل هي حشرات من عائلة الفواصد). حيث يمكن لك أن تصاب بداء الليشمانيات فقط من خلال لدغة ذبابة الرمل المصابة، وذلك لأن هذا الطفيلي يعيش في هذه الذبابة.

تستقر ذبابة الرمل عادةً والتي تحمل طفيلي الليشمانيا في البيئات الاستوائية وشبه الاستوائية، حيث أن عدة أوبئة قاتلة ظهرت في مناطق من آسيا، شرق إفريقيا وأمريكا الجنوبية.

و غالباً ما تكون المناطق المصابة نائية وغير مستقرة، بالإضافة إلى أنها فقيرة مع موارد محدودة للعلاج.

منظمة أطباء بلا حدود تصف داء الليشمانيات بأنه أحد أخطر الأمراض الاستوائية المُهمَلة. كما تذكر المنظمة أن هذا المرض يُصنف في المرتبة الثانية بعد الملاريا في أسباب الوفاة الطفيلية. 

في هذا المقال سنتعرف على داء الليشمانيات بشكل مفصل وشامل.

 

ما هي أنواع داء الليشمانيات ؟

يوجد ثلاث أشكال لداء الليشمانيات وهي:

  • الجلدي
  • الحشوي
  • الجلدي المخاطي

رغم وجود أنواع كثيرة لهذا الطفيلي إلا أنها ترتبط حتماً بهذه الأشكال الثلاثة من الداء؛ حيث يعتقد الخبراء أن هناك حوالي 20 نوعًا من الليشمانيا يمكنها نقل المرض إلى البشر.

بدايةً، داء الليشمانيات الجلدي (حبة حلب):

تقرحات-جلدية-داء-الليشمانيات

يسبب داء الليشمانيات الجلدي تقرحات جلدية (فتحات دائرية تظهر على سطح الجلد عندما يكون هناك تلف في الأنسجة). وهو الشكل الأكثر شيوعًا من الداء. 

قد لا يكون العلاج ضروريًا دائمًا – يعتمد ذلك على حالة كل شخص بعينه – على الرغم من أن العلاج قد يُسرع من عملية الشفاء و يمنع مضاعفات المرض.

 

ثانياً، داء الليشمانيات الجلدي المخاطي:

إنه النوع النادر من هذا المرض، وعادةً ما يكون سببه الشكل الجلدي للطفيلي، يمكن أن يحدث بعد عدة أشهر من شفاء التقرحات الجلدية.

في الواقع، إن خطورة هذا الشكل تكمن في انتشار الطفيلي داخل الأنف، الحلق، والفم. مما قد يؤدي إلى تدمير جزئي أو كلي للأغشية المخاطية في تلك المناطق.

و على الرغم من أن داء الليشمانيات الجلدي المخاطي يصنف كمجموعة فرعية من داء الليشمانيات الجلدي، إلا أنه أكثر خطورة. كما أنه لا يشفى من تلقاء نفسه ويتطلب العلاج دائمًا.

وأخيراً، داء الليشمانيات الحشوي:

يُعرف هذا الداء أيضاً باسم الليشمانيا الجهازية أو الكالازار (بالإنكليزية:Kala azar)،

وعادةً ما يحدث بعد شهرين إلى ثمانية أشهر من لدغة ذبابة الرمل، مؤدياً إلى ضرر وتلف عدة أعضاء داخلية مثل الطحال، الكبد، نخاع العظم وكذلك جهاز المناعة.

يعتبر مرض مميت في 95% من الحالات إذا تُرٍك دون علاج.

 

ما هي أسباب داء الليشمانيات؟

ذباب-الرمل-داء-الليشمانيات
أنثى ذبابة الرمل

إن داء الليشمانيات ناجم عن الإصابة بنوع من الطفيليات من فصيلة اللشمانيا وهو طفيلي أحادي الخلية (كائن من الأوالي، بالإنكليزية Protozoa). لدغة واحدة من ذبابة الرمل المصابة كفيلة بنقل هذا المرض للإنسان.

في الواقع، إن هذا الطفيلي يعيش ويتكاثر داخل أنثى ذبابة الرمل، والتي يكثر نشاطها في البيئات الرطبة خلال الأشهر الأكثر دفئاً وخصوصًا أثناء الليل (فترة من الغسق إلى الفجر).

وتعتبر بعض الحيوانات الأليفة كالكلاب الخازن الطبيعي (الثوي الخازن) للطفيلي، مما يساهم في انتقاله من الحيوان إلى ذبابة الرمل ومن ثم إلى الإنسان.

كما أن انتقال العدوى بين البشر أمر محتمل وذلك من خلال:

  • نقل الدم من الشخص المصاب للسليم.
  • إستخدام إبر مشتركة.
  • في بعض مناطق العالم، يحدث انتقال العدوى من إنسان إلى ذبابة الرمل ثم إلى إنسان آخر.

 

الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بداء الليشمانيات:

هناك عدة عوامل تزيد من خطر إصابتك بداء الليشمانيات ومنها:

خريطة-العالم-على-الايدي

الموقع الجغرافي:

في الواقع لقد عُثرَ على هذا المرض في كل أنحاء العالم باستثناء قارة استراليا والقارة القطبية الجنوبية. 

ما يقارب من 95٪ من حالات الشكل الجلدي للمرض تحدث في:

  • الأمريكتين
  • آسيا الوسطى
  • حوض البحر الأبيض المتوسط
  • الشرق الأوسط

خلال عام 2015، أكثر من 90٪ من حالات الشكل الحشوي للداء حدثت في:

  • البرازيل
  • أثيوبيا
  • الهند
  • كينيا
  • الصومال
  • جنوب السودان
  • السودان

فإذا كنت من الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الاستوائية أو شبه الاستوائية الواقعة ضمن هذه القائمة أو كنت تسافر إليها، فأنت أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض.

العوامل البيئية والمناخية تؤثر بشكل كبير في انتشار داء الليشمانيات

 

الظروف الإجتماعية والإقتصادية:

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO) فإن الفقر يعد سبباً رئيسيًا للمرض.

الجفاف-المجاعة

بالإضافة إلى الفقر، فإن داء الليشمانيات يحدث في المناطق التي ينتشر فيها:

  • سوء التغذية
  • المجاعة
  • نقص الموارد المالية
  • هجرة الناس بشكل كبير من الريف إلى المدينة 
  • حالات الطوارئ 
  • الحروب والتغيرات البيئية والمناخية

 

بعض الإلتهابات:

في الحقيقة، إن الأشخاص مُضعفي المناعة (لديهم ضعف في جهاز المناعة) هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بهذا المرض.

فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) يؤثر في انتقال هذا الداء، كما أنه يزيد من خطر الإصابة بداء الليشمانيات الحشوي. وذلك نظراً لأن فيروس نقص المناعة البشرية وداء الليشمانيا يؤثران على خلايا مماثلة في الجهاز المناعي.

هذا ما يفسر أن الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية غالباً ما يصابون أيضاً بداء الليشمانيات؛

حيث تشير بعض التقديرات في مناطق من إثيوبيا بأن ما يقارب 35℅ من الأشخاص المصابين بداء الليشمانيات مصابون أيضاً بفيروس نقص المناعة البشرية.

 

 

ما هي أعراض داء الليشمانيات؟

في الحقيقة، قد يصاب الأشخاص ببعض أنواع الليشمانيا لفترات طويلة ولكن دون أن تظهر أعراض المرض بشكل واضح عليهم. وذلك أن الأعراض تعتمد على شكل المرض.

داء الليشمانيات الجلدي:

العَرَض الرئيسي لهذه الحالة هو تقرحات جلدية غير مؤلمة. قد تظهر الأعراض الجلدية بعد بضعة أسابيع من لدغة ذبابة الرمل المصابة. لكن وفي بعض الأحيان لا تظهر الأعراض لأشهر أو سنوات.

الداء الجلدي المخاطي:

في هذا الشكل من الداء تظهر الأعراض عادةً بعد مرور سنة إلى خمس سنوات من ظهور الآفات الجلدية. وتشمل الأعراض الرئيسية تقرحات في الفم والأنف أو على الشفاه؛ 

بالإضافة لأعراض أخرى مثل:

  • سيلان أو انسداد الأنف
  • نزيف في الأنف
  • صعوبة في التنفس

 

داء الليشمانيات الحشوي:

في الحقيقة، لا تظهر الأعراض إلا بعد عدة أشهر – معظم الحالات بعد شهرين إلى ستة أشهر – من لدغة ذبابة الرمل المصابة بهذا النوع من داء الليشمانيات.

الحمى-المستمرة

و تشمل العلامات والأعراض الشائعة ما يلي:

  • فقدان الوزن
  • الضَعف
  • حمى مستمرة لأسابيع أو شهور
  • طحال متضخم
  • كبد متضخم
  • انخفاض إنتاج خلايا الدم
  • نزيف
  • التهابات أخرى
  • تورم العقد الليمفاوية

 

كيف يتم تشخيص داء الليشمانيات؟

بالطبع، من المهم أن تخبر طبيبك في حال كنت تعيش أو قد زُرت مكاناً ينتشر فيه داء الليشمانيات، نظراً لأن هذا سيوجه طبيبك لكي يطلب منك إجراء اختبارات من أجل هذا الطفيلي، في حال كنت مصاباً بالفعل بداء الليشمانيات، سيجري طبيبك اختبارات أخرى لتحديد نوع الليشمانيا التي أصابتك.

 

تشخيص الداء الجلدي:

قد يأخذ طبيبك كمية صغيرة من جلدك لأخذ خزعة للتحليل، وذلك بكشط إحدى القرح؛

وسيبحث غالبًا عن الحمض النووي (DNA) أو المادة الجينية للطفيلي (genetic material). يمكنهم استخدام عدة أساليب لتحديد أنواع الطفيليات المُسببة للعدوى.

 

تشخيص الداء الحشوي:

من الصعب حقاً أن يتذكر الناس لدغة ذبابة الرمل، و هذا ما يؤدي إلى صعوبة في تشخيص الحالة.

ولكن كونك عشت أو سافرت إلى منطقة ينتشر فيها داء الليشمانيات فهو أمر يساعد طبيبك على التشخيص.

 قد يجري طبيبك أولاً فحصاً بدنياً لك للبحث عن أي تضخم في الطحال أو الكبد، كما قد يحتاج لإجراء خزعة نخاع العظم أو أخذ عينة دم للفحص.

أيضًا هناك مجموعة متنوعة من الاختبارات التي تساعد في التشخيص كـ اللطاخة الكيميائية لنخاع العظم والتي يمكن أن تساعد في التعرف على الخلايا المناعية المصابة بالطفيلي.

 

كيف يعالج داء الليشمانيات؟

إذا كنت تعاني من داء الليشمانيات فلا تيأس، حيث أن الأدوية المضادة للطفيليات مثل الأمفوتيريسين ب (amphotericin B ويعرف أيضاً باسم Ambisome) مفيدة جداً في علاج هذه الداء، كما قد يصف لك طبيبك علاجات أخرى وذلك بالاعتماد على نوع داء الليشمانيات الذي تعاني منه.

طفيلي-الليشمانيا-داخل-وخارج-الخلية-الداء-الجلدي
طفيلي الليشمانيا داخل وخارج الخلية لدى مصاب بداء الليشمانيات الجلدي

داء الليشمانيات الجلدي:

في هذه الحالة فإن اللجوء إلى العلاج أمر غير ضروري، ولكن قد يُسرع العلاج من الشفاء ويقي من الندوب التي من الممكن أن يتركها هذا الشكل كما أنه يقلل من خطر الإصابة بالمزيد من الأمراض.

أما في حالة التقرحات الجلدية التي تسبب تشوهاً فإن الجراحة التجميلية تعتبر أفضل الخيارات.

 

داء الليشمانيات الجلدي المخاطي:

لا تشفى هذه الآفة من تلقاء نفسها بل تحتاج للتدخل العلاجي دائمًا، حيث يمكن أن يصف الطبيب  الامفوتريسين ب الشحمي (Liposomal amphotericin B) بالإضافة للباروموميسين (paromomycin) لعلاج داء الليشمانيات الجلدي المخاطي.

 

داء الليشمانيات الحشوي:

الداء الحشوي يتطلب العلاج دائمًا، ويوجد العديد من الأدوية الشائعة نذكر منها:

  • ستيبوجلوكونات الصوديوم (بنتوستام) {sodium stibogluconate-Pentostam} 
  • امفوتريسين-ب  {amphotericin B}
  • باروموميسين {paromomycin} 
  • ميلتيفوزين (إمبافيدو) {(miltefosine (Impavido}

 

بشكل عام الأبحاث الصيدلانية في تطور دائم ومستمر وقد تم إيجاد العديد من الأدوية لعلاج هذا الداء بأشكاله الثلاثة. فـ وفقًا لإحدى الدراسات التي أجريت مؤخرًا في كلية الصيدلة بجامعة دمشق تم استخدام أقماع الباذنجان للحصول على كريم له دور كبير في قتل هذا الطفيلي و شفاء الندبات التي يتركها الداء.

ما هي المضاعفات المحتملة لداء الليشمانيات؟

تشمل مضاعفات داء الليشمانيات الجلدي ما يلي:

  • نزيف
  • بعض الإلتهابات الأخرى التي قد تهدد الحياة نتيجةً لضعف الجهاز المناعي الذي يسببه هذا الداء.
  • تشوه

في الحقيقة، غالباً ما يكون داء الليشمانيات الحشوي قاتلاً لأنه يؤثر على الأعضاء الداخلية بالإضافة لتأثيره على جهاز المناعة.

فإذا كنت مصاباً بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، فعليك الحذر لأنك أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض. حيث أن فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) يمكن أن يؤدي إلى تعقيد مسار داء الليشمانيات، فضلا عن تعقيد علاجه.

 

ما هي أساليب الوقاية ضد الليشمانيا؟

في الحقيقة، لا يوجد أي لقاح أو دواء وقائي متاح ضد الليشمانيا. حيث أن الطريقة الوحيدة للوقاية من داء الليشمانيات هي تجنب لدغة ذبابة الرمل.

إليك بعض الخطوات التي تساعدك في تجنب لدغة ذبابة الرمل:

 

  1. ارتدِ قمصان بأكمام طويلة بحيث تغطي أكبر قدر ممكن من جلدك، كما يُنصح باستخدام البنطلونات الطويلة والجوارب العالية.
  2. جرب استخدام طارد الحشرات على جلدك المكشوف وعلى أطراف بنطالك و أكمامك، حيث أن أكثر مبيدات الحشرات فعالية هي التي تحتوي على مادة DEET.
  3. رش المناطق التي ستنام فيها بالمبيدات الحشرية.
  4. حاول النوم في الطوابق العليا من المبنى، لأن الحشرات لا تستطيع الطيران عالياً.
  5.  حاول تجنب النزهات ليلاً خاصة في الفترة بين الغسق والفجر، حيث أن هذا هو الوقت الذي ينشط فيه ذباب الرمل.
  6. استخدم السواتر ومكيفات الهواء في الداخل إن أمكن؛ حيث أن استخدام المراوح يؤدي إلى زيادة صعوبة طيران الحشرات.
  7. استخدم ناموسية مدسوسة جيداً في سريرك. ونظراً لأن ذباب الرمل أصغر بكثير من البعوض، فأنت بحاجة إلى شبكة منسوجة بإحكام، جرب أيضاً رش الشبكة بمبيد حشري يحتوي على مادة البيرثرويد (بالإنكليزية:pyrethroid ).

 

ما هي النظرة المستقبلية على المدى الطويل؟

في الحقيقة، قد تؤدي القروح الجلدية إلى ندوب دائمة وتشوهات، ولكن يمكن للعلاج أن يخفف من شدتها.

يمكن للأدوية أن تشفي من هذا المرض؛ ولكنها تكون أكثر فعالية عندما تعطى قبل حدوث تلف كبير أو شامل للجهاز المناعي.

غالبًا ما يكون داء الليشمانيات الحشوي قاتلًا في غضون عامين إذا لم يتم علاجه بالشكل الصحيح والمناسب.

الخلاصة:

إن طفيلي صغير يمكن أن لا يُرى بالعين المجردة قد يكون السبب في وفاة الكثير من الأشخاص.

وعلى الرغم من كل ما ذكر أعلاه تبقى المقولة المشهورة “درهم وقاية خير من قنطار علاج” حاضرة في كل زمان ومكان.

لذلك وقبل سفرك إلى المناطق الاستوائية أو مرتفعة الخطورة، قم بشراء ناموسيات جيدة، مبيدات حشرية و مواد طاردة للحشرات (مُنفرات).

مصدر Cdc.gov Pmc Nimr.org
اترك تعليقا