ما هي مضادات الأكسدة، وما الدور الذي تلعبه في جسم الإنسان ؟

"Antioxidants"

0

ربما تردد مصطلح مضادات الأكسدة على مسامعك بشكل كبير في الآونة الأخيرة، فقد أصبح مألوفاً ودارجاً جداً في عالم الصحة والتغذية وحتى التجميل. ولكن الكثير من الناس لا زالوا يجهلون ما هي هذه المضادات بالتحديد ؟ ما هي أهميتها وأين نجدها ؟ أدناه سوف نخبرك بكل ما تحتاج لمعرفته عن مضادات الأكسدة وكل ما يتعلق بها.

ما هي مضادات الأكسدة ؟

مضادت-الاكسدة

مضادات الأكسدة (Antioxidants) هي عبارة عن مركبات تساعد على حماية الخلايا من التلف الذي قد تتسبب به الجذور الحرة في جسمك. والجذور الحرة (Free radicals) هي جُزَيْئَات تنتج عن عملية التمثيل الغذائي (الاستقلاب)، أو قد ينتجها الجسم كرد فعل للعوامل المختلفة مثل الالتهابات الداخلية والخارجية، أو العوامل البيئية والضغوطات التي يتعرض لها الجسم، مثل تلوث الماء والهواء، التعرض للأشعة فوق البنفسجية، والتعرض لدخان التبغ الصادر من السجائر أو النرجيلة. ومن الممكن أن تسبب هذه الجذور الحرة ضرراً بالغاً في حال أصبحت مستوياتها مرتفعة جداً في الجسم؛ وقد تم الربط بينها وبين أمراض متعددة، بما في ذلك خطر الإصابة بكل من مرض السكري وأمراض القلب والسرطان.

من ناحية أخرى، يمتلك جسمك دفاعاته الذاتية المضادة للأكسدة، وذلك لكي يحافظ على الجذور الحرة تحت السيطرة. غَيْرَ أَنَّ مضادات الأكسدة تتواجد أيضاً بصورة طبيعية في الأغذية وخاصةً الفواكه والخضروات والأطعمة النباتية الأخرى كالحبوب الكاملة. كما أن العديد من الفيتامينات مثل فيتامين E وفيتامين C، هي مضادات أكسدة فعالة. علاوة على هذا كله، يتم إضافة مضادات الأكسدة الاصطناعية كمواد حافظة حيث تلعب دوراً حاسماً في إنتاج الأغذية من خلال زيادة العمر الافتراضي للمنتجات الغذائية.

“مضادات الأكسدة هي جزيئات تمنع تلف الخلايا الناجم عن الجذور الحرة والجزيئات غير المستقرة في الجسم”

كيف تعمل الجذور الحرة ؟

تتشكل الجذور الحرة في الجسم باستمرار. وبدون مضادات الأكسدة، الجذور الحرة قادرة على إلحاق أضرار بالغة وخطيرة بسرعة كبيرة، الأمر الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى الوفاة. في الوقت ذاته، الجذور الحرة ضرورية لأداء وظائف مهمة وأساسية للصحة. على سبيل المثال، تستخدم الخلايا المناعية الجذور الحرة لمكافحة العدوى ومحاربة البكتيريا.

بناء على ذلك، يحتاج جسمك إلى أن يحافظ على توازن معين بين الجذور الحرة ومضادات الأكسدة. فعندما يفوق تعداد الجذور الحرة عدد مضادات الأكسدة في الجسم، يمكن أن يؤدي ذلك إلى حالة تسمى الإجهاد التأكسُدي. وقد ينتج عن هذا الإجهاد التأكسدي – في حال استمر لفترة طويلة – إتلاف الحمض النووي (DNA) والجزيئات المهمة الأخرى في جسم الإنسان، حتى أنه يمكن أن يؤدي إلى موت الخلايا في بعض الأحيان.

ومن الجدير بالذكر أن تغيير شيفرة الحمض النووي (DNA) أو تَلَفِه يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، كما أنه يلعب دوراً مهماً في عملية الشيخوخة.

العوامل المؤثرة في الإجهاد التأكسدي

التلوث

من المعروف أن العديد من أنماط وسلوكيات الحياة غير الصحية، مع الإجهاد والتوتر، وحتى العوامل البيئية المحيطة، تزيد من توليد الجذور الحرة، وبالتالي فهي ترفع من الإجهاد التأكسدي. ومن هذه العوامل نذكر ما يلي:

  • استنشاق الهواء الملوث.
  • التعرض لدخان السجائر والشيشة.
  • تناول الكحوليات.
  • التعرض للسموم.
  • ارتفاع مستوى السكر في الدم.
  • تناول كميات كبيرة من الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة. (polyunsaturated fatty acids).
  • التعرض للإشعاع، بما في ذلك حمامات الشمس المفرطة والأشعة السينية.
  • الالتهابات البكتيرية أو الفطرية أو الفيروسية.
  • الإفراط في تناول الحديد أو المغنيسيوم أو النحاس أو الزنك.
  • ارتفاع كمية الأكسجين أو انخفاضها في جسمك.
  • التمرينات المكثفة وطويلة الأمد، والتي قد تسبب تلف الأنسجة.
  • الإفراط في تناول مضادات الأكسدة، مثل الفيتامينات C و E.
  • نقص مضادات الأكسدة.

في الواقع، يزيد الإجهاد التأكسدي طويل الأمد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة والخطيرة، مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية وأنواع معينة من السرطان.

“يحتاج جسم الإنسان إلى الحفاظ على توازن معين بين الجذور الحرة ومضادات الأكسدة. وإذا اختل هذا التوازن، يمكن أن يؤدي إلى الإجهاد التأكسدي”

مضادات الأكسدة في الأطعمة

التوتيات-مضادات-اكسدة

تعد مضادات الأكسدة مهمة لبقاء جميع الكائنات الحية بمختلف فصائلها وأنواعها. يُوَلِّد جسم الإنسان على سبيل المثال المضادات الذاتية الخاصة به، مثل الجلوتاثيون (glutathione) المضاد لتأكسد الخلايا، والكاتالاز (Catalase) الذي يحتوي على عنصر الحديد. أما النباتات والحيوانات، وكذلك جميع الكائنات الحية الأخرى، فلديها أيضاً دفاعاتها الخاصة بها ضد الجذور الحرة والإجهاد التأكسدي. نتيجة لذلك، نجد أن مضادات الأكسدة تتوافر تقريباُ في كافة الأطعمة الكاملة ذات الأصل النباتي والحيواني. ويعتبر الحصول على كمية كافية من مضادات الأكسدة أمر في غاية الأهمية لجسم الإنسان. حيث أن حياتك تعتمد على تناول البعض منها، مثل فيتامين (سي) وفيتامين (إي). وعلى أية حال، العديد من مضادات الأكسدة غير الأساسية تتواجد في الأطعمة، وعلى الرغم من أنها غير ضرورية لجسمك، إلا أنها تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على الصحة العامة.

في الواقع، الفوائد الصحية المرتبطة بالأنظمة الغذائية النباتية تُعزى – جزئياً على الأقل – إلى مجموعة متنوعة من المواد المضادة للأكسدة التي تتوافر في الأغذية النباتية. التوتيات والشاي الأخضر والقهوة والشوكولاته الداكنة تشتهر بأنها مصادر جيدة لمضادات الأكسدة. وفقاً لبعض الدراسات، القهوة هي أكبر مصدر منفرد من المواد المضادة للأكسدة في النظام الغذائي الغربي. أما منتجات اللحوم والأسماك فتحتوي أيضاً على مضادات الأكسدة، ولكن بدرجة أقل من الفواكه والخضروات.

من ناحية أخرى، مضادات الأكسدة يمكن أن تزيد من العمر الافتراضي لكل من الأطعمة الطبيعية والمُصنعة. ولذلك، فإنها تستخدم في كثير من الأحيان كمُضافات غذائية. على سبيل المثال، غالباً ما يُضاف فيتامين سي إلى الأطعمة المُصنعة لتكون مادة حافظة فيزيد من مدة تخزينها وصلاحيتها.

“نظامك الغذائي هو مصدرك الأساسي للحصول على مضادات الأكسدة، والتي توجد في الأطعمة الحيوانية والنباتية، وخاصةً الخضروات والفواكه والتوتيات”

أنواع مضادات الأكسدة الموجودة في الأغذية

الكركم-مضاد-اكسدة

يمكن تصنيف هذه المركبات ضمن فئتين وذلك بحسب قابلتيها للذوبان: 

  1. قابلة للذوبان في الماء: تؤدي وظيفتها في السوائل داخل الخلايا وخارجها.
  2. قابلة للذوبان في الدهون: تعمل بشكل أساسي في أغشية الخلايا.

ومن أهم مضادات الأكسدة الطبيعية المتواجدة في الأغذية نذكر:

1- الكاروتينات:

من بين 600 نوع أو أكثر من أنواع الكاروتينات الموجودة في الأطعمة. يصنف كل من بيتا كاروتين، الليكوبين واللوتين على أنهم قادة معروفين في الكفاح من أجل الحد من الأضرار الناجمة عن الجذور الحرة. وقد تكون الأطعمة التي تحتوي على الكاروتينات فعالة في المساعدة على الوقاية من بعض أنواع السرطان كما قد تساعد في تقليل خطر الإصابة بضمور العين لبقعي. وتشمل الأطعمة الغنية بالكاروتينات كل من البطاطا الحلوة والسبانخ والجزر والطماطم وبراعم بروكسل والقرع الشتوي والبروكلي.

2- فيتامين C:

ربما يكون أفضل مضادات الأكسدة المعروفة، قابل للذوبان في الماء وعنصر غذائي أساسي. فيتامين سي يقدم مجموعة متنوعة من الفوائد الصحية. تشمل هذه الفوائد حماية جسمك من العدوى والتلف الذي يلحق بخلايا الجسم، إلى جانب المساعدة في إنتاج الكولاجين (النسيج الضام الذي يربط العظام والعضلات معاً)، بالإضافة إلى المساعدة في امتصاص الحديد. وللاستفادة من هذه الفوائد، يمكنك تناول الأطعمة الغنية بفيتامين سي مثل الحمضيات (بما في ذلك البرتقال والجريب فروت واليوسفي والليمون) والفراولة والفليفلة الحلوة والطماطم والبروكلي والبطاطا.

3- فيتامين E:

وهو مضاد أكسدة قابل للذوبان في الدهون، ويحمي أغشية الخلايا من الأكسدة. وقد أظهرت الأبحاث الدور الواسع الذي يلعبه الفيتامين E في تعزيز الصحة. في الحقيقة، الدور الرئيسي لفيتامين E هو كمضاد للأكسدة. وقد بحثت الأبحاث في دوره المحتمل في المساعدة على حماية جسمك من تلف الخلايا التي يمكن أن تؤدي إلى السرطان وأمراض القلب وإعتام عدسة العين مع تقدمك في العمر. يعمل فيتامين (E) مع مضادات الأكسدة الأخرى مثل فيتامين C لتوفير الحماية من بعض الأمراض المزمنة. ويتوافر فيتامين (E) في الزيوت النباتية، جنين القمح، الحبوب الكاملة، الحبوب المدعمة، البذور، المكسرات، وزبدة الفول السوداني.

4- بعض المركبات الكيميائية النباتية (Phytochemicals):

وهي مجموعة من مضادات الأكسدة النباتية، لها العديد من الآثار المفيدة للصحة. ومنها الفلافونوئيدات (flavonoids)، والبوليفينولات (Polyphenols)، بالإضافة إلى كل من التانينات (tannins) والليغنان (lignans). وتعتبر الأغذية النباتية – مثل الفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، المكسرات، البذور، الأعشاب والتوابل، وحتى الكاكاو – من أفضل مصادر هذه المركبات.

زيادة على ما سبق، العديد من المواد الأخرى يمكن أن تكون مضادات للأكسدة ولها وظائف هامة أيضاً. ومن الأمثلة البارزة على هذه المواد نذكر: الكوركومينويد (curcuminoids) في الكركم، والأوليكانثال (oleocanthal) في زيت الزيتون البِكر الممتاز؛ حيث تعمل هذه المواد كمضادات للأكسدة ولها نشاط قوي مضاد للالتهابات.

ماذا عن تناول مكملات مضادة للأكسدة؟

يعد تناول مضادات الأكسدة من مصادرها الغذائية ضرورياً للصحة العامة، ولكن لا يعتبر الإكثار منها مثالياً. فالإفراط في تناول المضادات المعزولة عن طريق المكملات له تأثيرات سامة، وقد يؤدي إلى تعزيز الإجهاد التأكسدي بدلاً من منعه (وهي ظاهرة يطلق عليها “مفارقة مضادات الأكسدة” وبالإنكليزية “antioxidant paradox”). حتى أن بعض الدراسات قد وجدت أن الجرعات العالية منها تزيد من خطر الوفاة.

لهذا السبب، ينصح معظم خبراء الصحة والتغذية بتجنب الجرع المرتفعة من المكملات المضادة للأكسدة (على الرغم من أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات قبل التوصل إلى استنتاجات صلبة). على العكس من ذلك، تناول الكثير من المواد الغذائية والأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة هو فكرة أفضل بكثير. وتشير الدراسات إلى أن الأطعمة تقلل من ضرر الإجهاد التأكسدي إلى حد أكبر من المكملات الغذائية.

على سبيل المثال، قارنت إحدى الدراسات نتائج شرب كل من عصير البرتقال الطبيعي والقرص الفوار الذي يذوب في الماء. وعلى الرغم من أن كل منهما يحتوي على كميات متساوية من فيتامين سي، إلا أن النتائج أثبتت أن العصير الطبيعي يمتلك قدراً أعظم من الطاقة المضادة للأكسدة. كما أشارت هذه النتائج إلى أن مركبات الأغذية الطبيعية تعمل بشكل تآزري. وإن تناول واحد أو اثنين فقط من المغذيات المعزولة عن طريق المكملات لن يكون له نفس التأثيرات المفيدة.

في نهاية المطاف، أفضل استراتيجية لضمان كمية كافية من مضادات الأكسدة هي اتباع نظام غذائي غني بالخضروات والفواكه المختلفة، إلى جانب العادات الصحية الأخرى (ممارسة الرياضة و الابتعاد عن التدخين..الخ).

ومع ذلك، قد تكون المكملات الغذائية ذات الجرعة المنخفضة، مثل الفيتامينات المتعددة، مفيدة إذا كنت تعاني نقصاً في بعض العناصر الغذائية أو في حال لم تتمكن من اتباع نظام غذائي صحي.

الخلاصة:

بصفة عامة، الحصول على كمية كافية من مضادات الأكسدة هو أمر ضروري للحفاظ على الصحة العامة، ولكن بعض الدراسات تشير إلى أن الجرع المرتفعة من المكملات الغذائية قد تكون ضارة. نتيجة لذلك، أفضل استراتيجية يمكن اتباعها هي الحصول على الجرعة اليومية من المواد المضادة للأكسدة عن طريق الأطعمة النباتية الصحية، مثل الفواكه والخضروات.

مصدر PubMed Pmc mayoclinic
اترك تعليقا