متلازمة التعب المزمن

CFS (Chronic Fatigue Syndrome)

0

متلازمة التعب المزمن (CFS) هي اضطراب يتميز بالإرهاق الشديد أو التعب الذي لا يزول مع الراحة ولا يمكن تفسيره بحالة طبية أساسية أو كامنة، وتعتبر هذه المتلازمة مرض خطير ومُزمن يمكن أن يؤثر على قدرة الشخص على أداء المهام اليومية. يشار إلى هذه المتلازمة أيضاً باسم الْتِهابُ الدِّماغِ والنُّخاعِ الحَميد المُؤْلِمُ للعَضَلِ (myalgic encephalomyelitis) أو مرض عدم تحمل الجهد الجهازي (systemic exertion intolerance disease).

في الحقيقة، لم يتم فهم أسباب هذه المتلازمة بشكل كامل حتى الآن (تاريخ كتابة المقال)، وتتضمن بعض النظريات أن السبب هو عدوى فيروسية أو ضغوطاً نفسية أو مجموعة من العوامل. ونظراً لعدم تحديد سبب واحد، ولأن العديد من الحالات الطبية الأخرى تسبب أعراضاً مشابهة لهذا المرض، فقد يكون من الصعب تشخيص متلازمة التعب المزمن. ولا توجد اختبارات محددة لتشخيص هذه المتلازمة، سيتعين على الطبيب استبعاد الأسباب الأخرى للتعب عند تحديد التشخيص.

لم يعتقد البعض في الماضي أن الْتِهابُ الدِّماغِ والنُّخاعِ الحَميد المُؤْلِمُ للعَضَل هو مرض حقيقي، وبدأ الخبراء في أخذ الأمر على محمل الجد فقط في السنوات الأخيرة، ويجري البحث لمعرفة سبب حدوثه وكيفية علاجه. في الوقت نفسه، قد تساعد استراتيجيات نمط الحياة الصحية والعلاج الطبي الأشخاص المصابين في تدبير بعض الأعراض.

ما الذي يُسبب متلازمة التعب المزمن؟

الضغط-العصبي
الضغط-العصبي

السبب الأكيد لا زال غير معروف، يتوقع الباحثون أن العوامل المساهمة في حدوث هذه المتلازمة قد تشمل:

  • العدوى الفيروسية.
  • ضعف جهاز المناعة.
  • الضغط العصبي.
  • الاختلالات الهرمونية.
  • من الممكن أيضاً أن يكون بعض الأشخاص مهيئين وراثياً للإصابة بمتلازمة التعب المزمن.

وعلى الرغم من أن متلازمة الإجهاد المزمن يمكن أن تحدث في بعض الأحيان بعد عدوى فيروسية، لكن لم يتم العثور على نوع واحد من العدوى الفيروسية التي يمكن أن تُسبب متلازمة التعب المزمن، وتتضمن بعض أنواع العدوى الفيروسية التي تم ربطها بهذه المتلازمة:

  • فيروس ابشتاين بار (EBV).
  • الهربس البشري 6 (human herpesvirus 6).
  • فيروس نهر روس (RRV).
  • فيروس الحصبة الألمانية (rubella virus).

تم أيضاً ربط بعض أنواع العدوى التي تسببها البكتيريا، بما في ذلك الكُوكْسِيلَّةُ البُورنيتِيَّة (Coxiella burnetii) و المفطورة الرئوية (Mycoplasma pneumoniae)، بالإصابة بهذه المتلازمة.

في الواقع يصاب حوالي 1 من كل 10 أشخاص مصابين بفيروس بشتاين بار (EBV) أو فيروس نهر روس (RRV) أو عدوى الكُوكْسِيلَّةُ البُورنيتِيَّة (Coxiella burnetii) بحالة تفي بمعايير تشخيص متلازمة الإجهاد المزمن. بالإضافة إلى ذلك، يقول الباحثون إن أولئك الذين عانوا من أعراض شديدة مع أيّ من هذه الأنواع الثلاث للعدوى هم أكثر عرضة للإصابة بـهذه المتلازمة لاحقاً.

من ناحية أخرى، يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة التعب المزمن أحياناً من ضعف في جهاز المناعة، ولكن الأطباء لا يعلمون ما إذا كان هذا وحده كافياً للتسبب في الاضطراب.

عوامل الخطر

تشيع الإصابة بمتلازمة الإجهاد المزمن بين الأشخاص في الأربعينيات والخمسينيات من العمر. كما يلعب الجنس أيضاً دوراً مهماً في متلازمة التعب المزمن، حيث أن النساء أكثر عرضةً للإصابة من الرجال مرتين إلى أربع مرات. وتشمل العوامل الأخرى التي قد تزيد من خطر الإصابة ما يلي:

  • الاستعداد الوراثي.
  • الحساسية.
  • الضغط العصبي.
  • العوامل البيئية.

ما هي أعراض متلازمة التعب المزمن؟

اعراض-متلازمة-التعب-المزمن

في الحقيقة، تختلف أعراض متلازمة التعب المزمن من شخص لآخر وبحسب شدة كل حالة. أكثر الأعراض شيوعاً هو الشعور بالإرهاق الشديد بما يكفي لإعاقة القيام بالنشاطات اليومية. لتشخيص متلازمة التعب المزمن يجب أن تستمر القدرة المنخفضة – بشكل كبير – على أداء الأنشطة اليومية المُعتادة مع التعب الشديد – الذي لم يكن موجوداً من قبل – لمدة 6 أشهر على الأقل، وألا يكون هذا الإرهاق قابلاً للشفاء أو التراجع مع الراحة في الفراش.

قد يعاني البعض أيضاً من الإرهاق الشديد بعد القيام بالأنشطة البدنية أو العقلية، والتي يشار إليها بالضيق التالي للجهد، ويمكن أن يستمر هذا لأكثر من 24 ساعة بعد النشاط، ووفقاً لـمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها Cdc، تميل الأعراض إلى التفاقم خلال 12-48 ساعة بعد القيام بأي جهد. يمكن أن تسبب متلازمة التعب المزمن أيضاً مشاكل في النوم، مثل: الشعور بعدم الراحة بعد نوم الليل، والأرق المُزمن.

بالإضافة إلى ذلك، قد يواجه البعض أيضاً:

  • فقدان الذاكرة وانخفاض القدرة على التركيز.
  • الشعور بالدوار عند الوقوف (الانتقال من وضع الاستلقاء أو الجلوس إلى وضع الوقوف).

قد تشمل الأعراض الجسدية ما يلي:

  • ألم عضلي.
  • صداع متكرر.
  • ألم في مفاصل متعددة بدون احمرار أو تورم.
  • التهاب الحلق المتكرر.
  • تورم الغدد الليمفاوية في الرقبة والإبطين.
  • مشاكل في الجهاز الهضمي.
  • قشعريرة وتعرق ليلي.
  • الحساسية من الطعام.
  • يمكن أن يصبح المصاب حساساً للضوء أو اللمس أو الحرارة أو البرودة.
  • ضعف العضلات.
  • ضيق في التنفس.
  • اضطراب نبضات القلب.
  • القلق أو نوبات الذعر.
  • خدر ووخز والشعور بالحرقة في اليدين والقدمين والوجه.
  • ألم في العين.
  • حُمّى منخفضة الدرجة.
  • مشاكل في الرؤية.
  • الكآبة.

بالإضافة إلى ماسبق، لاحظت جمعية الْتِهابُ الدِّماغِ والنُّخاعِ الحَميد المُؤْلِمُ للعَضَل ومتلازمة التعب المزمن (AMMES) أن الأعراض المحتملة الأخرى قد تشمل:

التعب-وألم-العين

  • ارتعاش العضلات
  • الطفح الجلدي
  • القروح الفموية
  • مستويات عالية من التوتر
  • نطق الكلمات بشكل غير صحيح
  • طنين في الأذن
  • الأعراض الشديدة لمتلازمة ما قبل الحيض (PMS)
  • نقص الدافع الجنسي أو العجز الجنسي
  • تساقط شعر
  • تغيرات غير مبررة في الوزن
  • ألم الصدر
  • التَوَهان أو التشوش المَكانِيّ (spatial disorientation)
  • صعوبة المشي
  • صعوبة تحريك اللسان لتكوين أو تشكيل الكلمات

كما تجدر الإشارة إلى أن متلازمة التعب المزمن يمكن أن تؤثر في بعض الأشخاص على شكل نوبات، مع فترات تسوء فيها الحالة ثم تتحسن. قد تختفي الأعراض في بعض الأحيان بشكل تام، وهذا ما يسمى بفترة الهجوع أو الهدأة. ومع ذلك لا يزال من الممكن أن تعود الأعراض لاحقاً، وهو ما يشار إليه بالانتكاس. هذه الدورة من الهدوء والانتكاس يمكن أن تجعل من تدبير الأعراض أمراً بالغ الصعوبة.

كيف يتم تشخيص متلازمة التعب المزمن؟

لا توجد فحوصات طبيّة خاصة لفحص متلازمة التعب المزمن، حيث تتشابه أعراضها مع العديد من الحالات الطبية الأخرى. في الواقع، لا يبدو الكثير من الأشخاص المصابين بمتلازمة التعب المزمن “مرضى”، لذلك قد لا يدرك الأطباء أنهم يعانون بالفعل من حالة صحية. وعادةً ما يقوم الطبيب بالتشخيص من خلال:

  • السؤال عن الأعراض.
  • إجراء الفحص البدني.
  • التوصية بإجراء اختبارات (تحاليل) لمحاولة تحديد سبب أي أعراض.

لتأكيد التشخيص، يجب أن يعاني المريض من الأعراض الأساسية للحالة (التعب الشديد المترافق مع انعدام القدرة على القيام بالنشاطات اليومية) لمدة 6 أشهر أو أكثر، بالإضافة إلى ذلك يجب ألا يتمكن الطبيب من إيجاد تفسير آخر للأعراض. تتضمن بعض الحالات التي تتشابه أعراضها مع أعراض متلازمة التعب المزمن كل مما يلي:

  • مرض لايم.
  • الذئبة (الذئبة الحمامية: lupus).
  • قصور الغدة الدرقية.
  • متلازمة الألم العضلي الليفي.
  • الاضطراب الاكتئابي حاد.
  • كثرة وحيدات النوى (mononucleosis).
  • التصلب المتعدد (التصلب اللويحي).
  • السُمنة المفرطة.
  • اضطرابات النوم.
  • يمكن للآثار الجانبية لبعض الأدوية، مثل مضادات الهيستامين والكحول، أن تحاكي أعراض متلازمة التعب المزمن أيضاً.

قد يستغرق الأمر وقتاً لاستبعاد الأسباب المحتملة الأخرى للأعراض، ومع الأسف لا يوجد اختبار محدد يمكنه تحديد الحالة.

كيف يتم علاج هذه المتلازمة؟

ادارة-النشاط

في الوقت الحالي، لا يوجد علاج محدد لهذه المتلازمة، كل شخص لديه أعراض مختلفة، وبالتالي قد يحتاج إلى أنواع مختلفة من العلاج لإدارة الاضطراب وتخفيف أعراضه. ومن المهم أن تكون علاقة المريض مع طبيبه المُعالج ودية وجيّدة، وذلك بالنظر إلى ضرورة التعاون والتنسيق حتى اكتشاف مزيج الدواء والتغييرات المنهجية التي من شأنها تحسين الشعور العام وتدبير الأعراض.

1- معالجة أعراض الضيق التالي للجهد

والذي يحدث عندما يؤدي المجهود البدني أو العقلي أو العاطفي البسيط إلى تفاقم الأعراض، عادةً ما تحدث الأعراض المتفاقمة من 12 إلى 48 ساعة بعد النشاط وتستمر لأيام أو حتى أسابيع. يمكن أن تساعد إدارة النشاط، والتي تُسمى أيضاً إدارة الإيقاع (pacing)، في تحقيق التوازن بين الراحة والنشاط لتجنب تفجر نوبات المرض. ستحتاج إلى إيجاد حدودك الفردية لممارسة الأنشطة العقلية والبدنية، وعليك التخطيط لهذه الأنشطة، ومن ثم الراحة للبقاء ضمن هذه الحدود. يمكن أن يساعدك الطبيب بتحديد أفضل طريقة لتحقيق التوازن بين الراحة والنشاط، كما يمكنه المساعدة أيضاً في تحديد المُحفزات الشخصية وتحديد مقدار الجهد الذي يمكنك تحمله.

تجدر الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من أن التمارين الهوائية الحيوية (aerobic) مفيدة في أغلب الاضطرابات المُزمنة، إلا أن الأشخاص الذين يعانون من متلازمة التعب المزمن غير قادرين على تحمّل مثل هذه التمارين الروتينية.

2- العلاجات المنزلية وتغيير نمط الحياة

قد يساعد إجراء بعض التغييرات في نمط الحياة في تقليل الأعراض، على سبيل المثال:

  • يمكن أن يساعدك الحد من تناول الكافيين على النوم بشكل أفضل وتخفيف الأرق.
  • يجب أيضاً الحد من استهلاك النيكوتين والكحول أو تجنبهما تماماً.
  • حاول تجنب القيلولة أثناء النهار إذا كانت تؤذي قدرتك على النوم ليلاً.
  • ضع روتيناً للنوم، اذهب إلى الفراش في نفس الوقت كل ليلة وحاول الاستيقاظ في نفس الوقت تقريباً كل يوم.
  • القيام بتوعية العائلة والأصدقاء بالأعراض والتحديات.
  • جدولة أوقات الراحة والنشاط لتحقيق أقصى قدر من جودة الحياة.
  • تعلم تقنيات الاسترخاء الفعالة (التنفس العميق، سماع الموسيقى، التأمل).
  • اتباع نظام غذائي متوازن، صحي، ومُغذي.

3- الأدوية المستخدمة لعلاج متلازمة التعب المزمن

عادةً لا يوجد دواء واحد يمكنه علاج جميع الأعراض التي تعاني منها. قد تتغير أعراضك أيضاً بمرور الوقت، لذا قد يلزم تغيير أدويتك. في كثير من الحالات يمكن أن تؤدي متلازمة التعب المزمن إلى الاكتئاب أو أن تكون أحد أعراضه، وقد تكون هناك حاجة إلى العلاج باستخدام جرعة منخفضة من الأدوية المضادة للاكتئاب. يمكن أن تساعد الأدوية المهدئة للألم أيضاً في التغلب على الأوجاع وآلام المفاصل التي تسببها متلازمة التعب المزمن.

بالإضافة إلى ماسبق، قد تساعد بعض أنماط العلاجات البديلة مثل الوخز بالإبر وتمارين التاي تشي وممارسة اليوغا والتدليك في تخفيف الألم المرتبط بمتلازمة التعب المزمن.

الخلاصة

يمكن أن تؤثر متلازمة التعب المزمن على مختلف جوانب الحياة اليومية، ولا تزال حتى تاريخ كتابة هذا المقال حالة معقدة بدون سبب وعلاج معروفين. معدل الشفاء فقط 5٪ فقط وفقاً لـلمعهد الوطني الأمريكي للدواء NIH؛ لذلك يمكن أن يكون تدبير الحالة أمراً صعباً. على الأرجح سيكون هناك حاجة إلى إجراء تغييرات في نمط الحياة للتكيف مع التعب المُزمن. نتيجة لذلك قد يعاني الشخص المصاب من الاكتئاب أو القلق أو العزلة الاجتماعية. تتطور هذه المتلازمة بشكل مختلف بين شخص وآخر، لذلك من المهم العمل مع الطبيب لوضع خطة علاج تلبي الاحتياجات المختلفة.

مصدر What to know about chronic fatigue syndrome CFS (Chronic Fatigue Syndrome) What is Chronic Fatigue Syndrome?
اترك تعليقا