ما هو تصلب الجلد؟

Scleroderma، Systemic sclerosis

0

تصلب الجلد هو اضطراب في المناعة الذاتية، يهاجم فيه الجهاز المناعي الجسم، حيث يتم تدمير الأنسجة الضامة السليمة لأن الجهاز المناعي يعتقد خطأً أنها مادة غريبة أو عدوى. ويتميز هذا المرض بحدوث تغيرات في نسيج ومظهر الجلد، وذلك بسبب زيادة إنتاج الكولاجين (أحد مكونات النسيج الضام) وهو البروتين الهيكلي الرئيسي الذي تتكون منه مختلف أنسجة الجسم، ومنها البشرة. نتيجة لذلك، يصبح الجلد أكثر سماكة ويبدو مظهره مشدوداً أكثر، ويختلف عن الجلد الطبيعي بسبب تراكم الأنسجة الندبية.

ولا يقتصر هذا الاضطراب على التغيرات الجلدية فقط، بل يمكن أن يؤثر أيضاً على:

وهذا ما يسمى “تصلب الجلد الجهازي”، ويمكن أن تظهر ملامح التصلب الجهازي في اضطرابات المناعة الذاتية الأخرى. عندما يحدث هذا، فإنه يسمى اضطراب النسيج الضام المختلط. يظهر المرض عادةً لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و 50 عاماً، ولكن يمكن تشخيصه في أي عمر أيضاً. وبصفة عامة، النساء أكثر عُرضة من الرجال للإصابة بهذه الحالة.

أنواع تصلب الجلد

يقسم المرض من حيث الإنتتشار إلى نوعان رئيسيان، وهما: موضعي وجهازي (المُعَمَّم).

أولاً: تصلب الجلد الموضعي أو المحدود (Localized scleroderma)

وهو أخف أشكال تصلب الجلد، حيث يؤثر بشكل رئيسي على الجلد ولا يؤثر على الأعضاء الداخلية للجسم، ولكن قد يكون له تأثير في بعض الأحيان على العضلات والعظام. وهناك نوعان رئيسيان لهذا التصلب: القُشَيْعَةُ وتصلب الجلد الخطي.

  • القُشَيْعَةُ (Morphea): والتي تسبب ظهور بقع بيضاوية الشكل من الجلد الفاتح أو الداكن، وقد تكون هذه البقع لامعة، بدون شعر عليها، وتسبب الحكة. في كثير من الأحيان تكون القشيعة لها حدود أرجوانية وبيضاء في المنتصف.
  • تصلب الجلد الخطي (Linear): حيث تظهر شرائط من الجلد المُتصلب على الأطراف، ونادراً ما تظهر على الرأس والوجه، ويمكن أن يؤثر على العظام والعضلات.

ثانياً: تصلب الجلد الجهازي (Systemic scleroderma)

التصلب-الجهازي
تصلب الجلد الجهازي

يعد أخطر أشكال المرض، ويمكن أن يؤثر على كامل الجسم، بما في ذلك الأوعية الدموية والأعضاء الداخلية، وخاصةً الكِلى والمريء والقلب والرئتين. وهناك أيضاً نوعان رئيسيان لهذا التصلب: متلازمة التصلب الجهازي الجلدي المحدود (Limited scleroderma) وتعرف أحياناً بمتلازمة كريست ( CREST syndrome)، وهي النوع الأقل شدة من تصلب الجلد الجهازي؛ وتصلب الجلد الجهازي المنتشر (Diffuse scleroderma) حيث تزداد سماكة الجلد في المنطقة الممتدة من اليدين إلى فوق الرسغين. وسنتحدث عن كلا النوعين بشكل مفصل أدناه.

1- التصلب الجهازي الجلدي المحدود

وعادةً ما يؤثر على جلد اليدين والقدمين والوجه والذراعين والساقين. وقد تكون هناك مشاكل في الأوعية الدموية والرئتين والجهاز الهضمي. تُعرف أحياناً باسم متلازمة كرست (CREST syndrome)، إشارة إلى الأعراض التي تشكل الاختصار “CREST” وتتضمن:

  • Calcinosis :C أي التكلس، أو ترسب الكالسيوم في الأنسجة وتحت الجلد.
  • Raynaud :R ظاهرة رينود: والتي تعني الشعور بتشنجات في الأوعية الدموية في أصابع اليدين أو أصابع القدمين. بعد ذلك، قد تتحول الأطراف إلى اللون الأبيض والأزرق عند التعرض للبرد الشديد أو التعرض لضغط نفسي أو عاطفي شديد أحياناً.
  • Esophageal problems :E اضطرابات في المري بما في ذلك ارتجاع المريء.
  • Sclerodactyly :S تصلب الأصابع، أو جلد سميك على الأصابع.
  •  Telangiectasias :T توسع الشعيرات، حيث تتضخم الأوعية الدموية الصغيرة، والتي تسبب ظهور  بقع حمراء في الجلد.

غالباً ما تكون العلامة الأولى لهذا النمط من التصلب هي مرض رينود، حيث يؤدي تضيق الأوعية الدموية في اليدين والقدمين إلى مشاكل الدورة الدموية في الأطراف. وقد يعاني المرضى من خدر وألم وتغيرات في لون الجلد استجابة للإجهاد أو البرودة، وتزداد سماكة جلد اليدين والقدمين والوجه. كما يمكن أن تؤدي إصابة الجهاز الهضمي في سياق هذا المرض إلى صعوبة البلع ومرض الجزر المعدي المريئي (GERD) أو ارتداد الحمض. قد تصبح عضلات الأمعاء غير قادرة على تحريك الطعام عبر الأمعاء بشكل صحيح، وقد لا يمتص الجسم العناصر الغذائية الضرورية لأداء وظائفه.

الجدير بالذكر أنّ بعض هذه الأعراض قد تكون ناجمة عن أسباب كامنة أخرى، أيّ أنّ ليس كل من يعاني من مرض رينود (Raynaud Disease) أو ارتجاع المريء هو مصاب حتماً بتصلب الجلد.

2- تَصَلُّبُ الجِلْدِ المُنْتَشِر

في هذا النوع من المرض عادةً ما تزداد سماكة الجلد في المنطقة الممتدة من اليدين إلى فوق الرسغين. كما يمكن أن يصبح الجلد في الجزء الأوسط من الجسم، والفخذين، والذراعين، واليدين، والقدمين سميكاً. ومن الممكن أن يؤثر هذا النمط من المرض أيضاً على الأعضاء الداخلية مثل القلب والرئتين والكِلى والجهاز الهضمي، وتختلف شدة المرض والأعضاء المتأثرة باختلاف المصابين. تجدر الإشارة أيضاً إلى أن المصاب قد يُعاني من صعوبة في ثني أو طي الأصابع، والأيدي، والمفاصل؛ كما قد يشتكي كذلك من التهابات في كل من: الأوتار، العضلات، والمفاصل.

أعراض تصلب الجلد

تساقط-الشعر-لدى-النساء

قد يؤثر تصلب الجلد فقط على الجلد (البشرة) في المراحل المبكرة من المرض. قد تلاحظ سماكة بشرتك وظهور مناطق لامعة حول فمك وأنفك وأصابعك ومناطق أخرى. ومع تقدم الحالة، يحصل تحدد في حركة المناطق المصابة. وقد تشمل الأعراض الأخرى لتصلب الجلد كل مما يلي:

  • تساقط شعر.
  • رواسب الكالسيوم، أو كتل بيضاء تحت الجلد.
  • أوعية دموية صغيرة متوسعة تحت سطح الجلد.
  • ألم المفاصل.
  • ضيق في التنفس.
  • سعال جاف.
  • إسهال أو إمساك.
  • صعوبة في البلع.
  • ارتجاع المريء.
  • انتفاخ البطن بعد الوجبات.
  • ظاهرة رينود.

ما هي أسباب تصلب الجلد؟

يحدث تصلب الجلد عندما يبدأ الجسم في زيادة إنتاج الكولاجين، ثم يتراكم هذا الكولاجين في الأنسجة. وفي الحقيقة، إنّ السبب الدقيق لإفراز الجسم للكثير من الكولاجين غير معروف حتى الآن. يُعتقد أن العوامل الوراثية تلعب دوراً في حدوث ذلك، وربما العوامل البيئية أيضاً، ولكن لم يتم تأكيد ذلك بعد. غالباً ما يكون لدى مرضى تصلب الجلد تاريخ عائلي لإصابات بأمراض مناعية أخرى.

عوامل الخطر للإصابة بتصلب الجلد

تتضمن عوامل الخطر التي يمكن أن تزيد من فرص الإصابة بهذا المرض كل مما يلي:

  • الطفرات الوراثية أو الجينية.
  • تاريخ عائلي للإصابة بأمراض المناعة الذاتية.
  • العدوى الفيروسية.
  • التعرض لبعض المواد الكيميائية.
  • الجنس: الإناث أكثر تعرضاً للإصابة.
  • استخدام بعض أدوية العلاج الكيماوي مثل بليومايسين (Bleomycin).
  • التعرض لغبار السيليكا والمذيبات العضوية.

كيف يتم تشخيص المرض؟

سيُجري الطبيب فحصاً جسدياً يحدد من خلاله التغيرات التي تصيب الجلد ويسأل عن التاريخ الطبي للمريض. قد يلاحظ عند الفحص ارتفاع ضغط الدم الذي قد يكون ناجماً عن اضطرابات وظائف الكِلى في سياق التصلب الجهازي.

قد يطلب الطبيب اختبارات الدم مثل اختبار الأجسام المضادة وعامل الروماتوئيد وسرعة التثفل. يمكن أن تشمل الاختبارات التشخيصية الأخرى ما يلي:

  • تصوير الصدر بالأشعة السينية.
  • فحص عينة البول.
  • اختبارات وظائف الرئة.
  • اختبارات القلب، مثل مخطط كهربائية القلب ومخطط صدى القلب.
  • فحص بالأشعة المقطعية للرئتين.
  • خزعة الجلد.

علاج تصلب الجلد

في الواقع، لا يوجد علاج يؤدي إلى الشفاء التام من هذا المرض، لكن يمكن أن تساعد بعض العلاجات المقدمة في تخفيف الأعراض وإبطاء تقدم المرض. ويعتمد العلاج المُقرر عادةً على الأعراض التي يعاني منها المريض والحاجة إلى منع حدوث مضاعفات. وفي كثير من الأحيان قد يتراجع تصلب الجلد الموضعي من تلقاء نفسه، ويمكن أن يفيد استخدام بعض الأدوية مثل مرهم نيتروغليسرين (nitroglycerin) في علاج التصلب الموضعي.

قد يشمل علاج الأعراض العامة ما يلي:

  • الستيروئيدات القشرية.
  • مثبطات المناعة، مثل ميثوتريسكات (methotrexate) أو سيتوكين (Cytoxan).
  • مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، مثل الإيبوبرفين (ibuprofen) أو الأسبرين (aspirin).
  • قد تساعد الأدوية التي تُخفض ضغط الدم في علاج ظاهرة رينود.
  • العلاج الفيزيائي يمكن أن يساعد في تخفيف الألم وتحسين الحركة، وقد يتضمن ذلك استخدام بعض الوسائل المساعدة، مثل الجبائر، لتحسين القيام بالمهام اليومية.
  • العلاج بالأشعة فوق البنفسجية وجراحة الليزر تفيد في تحسين حالة الجلد ومظهره.
  • زرع الأعضاء في حالة التلف الشديد في الأعضاء.

التعايش مع مرض تصلب الجلد

التوقف-عن-التدخين

يعد التعايش مع تصلب الجلد أمراً صعباً للغاية، فقد يصبح القيام بالأنشطة اليومية مجهداً في بعض الأحيان بسبب الألم. وفقاً لـ الجامعة الأمريكية لأمراض المفاصل قد تساعد بعض التدابير في التعايش مع هذا المرض مثل:

  • إجراء تغييرات في النظام الغذائي للتغلب على مشاكل الهضم، مثل تناول عدة وجبات صغيرة يومياً بدلاً من تناول ثلاث وجبات رئيسية كبيرة، إلى جانب تجنب الأطعمة التي تُسبب حرقة المعدة.
  • تجنب تدخين السجائر و شرب الكحول.
  • الحفاظ على ترطيب الجلد باستمرار لتقليل التصلب.
  • توخي الحذر أثناء القيام ببعض الأعمال لتجنب إصابات الأصابع مثل: البستنة (زراعة النباتات واكثارها) والطهي أو حتى فتح الظرف الورقي.
  • الحفاظ على دفء الجسم، بارتداء عدة طبقات من الملابس، وارتداء الجوارب والأحذية والقفازات، وتجنب المكوث في الغرف شديدة البرودة.
  • الالتزام ببرامج العلاج الفيزيائي والتمارين التي تساعد في التخفيف من أعراض التصلب.
  • التقليل من القلق والتوتر، على سبيل المثال، من خلال ممارسة اليوغا والتأمل.
  • إجادة التعامل مع النكسات النفسية التي ترافق الإصابة بمرض مُزمن وغير قابل للشفاء بشكل تام.

الخلاصة

تصلب الجلد مرض مزمن، قد لا تقتصر أعراضه على الجلد فقط، بل يصيب العديد من أعضاء الجسم. وبالرغم من عدم وجود علاج شافٍ حتى الآن، إلا أن هناك العديد من العلاجات المختلفة التي يمكن أن تساعد في تدبير الأعراض والتخفيف من التصلب، بحسب حالة كل مريض. وقد يكون هناك تأثيرات نفسية لهذا المرض المُزمن، لذلك يعتبر دعم الأسرة والأصدقاء أمراً مهماً جداً لمرضى تصلب الجلد.

مصدر Systemic Sclerosis (Scleroderma) scleroderma scleroderma
اترك تعليقا