ما هو ثر اللبن؟

ثر اللبن (Galactorrhoea) هو مصطلح يشير إلى خروج الحليب من أحد الثديين أو من كليهما خارج فترتي الحمل والرضاعة الطبيعية، وهذا يعني أنّ لا علاقة له بالحليب الذي يُفرز من الثدي أثناء الإرضاع. وثر اللبن بحد ذاته ليس مرضاً، ولكن في بعض الحالات النادرة قد يكون علامة أو عَرَض يدل على وجود مشكلة كامنة. قد يقلق معظم الناس بشأن الإفرازات غير المتوقعة من الحلمة. ولكن، ولحسن الحظ، لا يوجد علاقة أو رابط بين ثر اللبن وسرطان الثدي. تحدث هذه الحالة عادةً عند النساء بين سن 20 و 35 عام، حتى أولئك اللاتي لم ينجبن بعد، كما قد يحدث بعد فترة انقطاع الطمث. ومن الوارد أيضاً أن يحدث ثر اللبن عند الرجال وحتى عند الأطفال الرُضَّع (حديثي الولادة).

ما الذي يُسبب ثر اللبن؟

في الواقع، هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث ثر اللبن لدى الجنسين. ضع في اعتبارك أن بعض الناس لديهم ما يسميه الأطباء ثر اللبن مجهول السبب، أي أنه يحدث دون أي سبب واضح. ببساطة، قد يكون نسيج الثدي أكثر حساسية لبعض الهرمونات. أما الأسباب الأخرى الشائعة فتتضمن بحسب موقع مايو كلينك كل مما يلي:

1. الوَرَم البرُولاَكْتينِيّ (ورم مُفرز للبرولاكتين)

البرولاكتين (prolactin) هو الهرمون الذي يُحرض إفراز الحليب، في الوضع الطبيعي يكون موجود بكميات صغيرة تَتَقلّب يومياً، وهو المسؤول إلى حد كبير عن الرضاعة الطبيعية. ثر اللبن غالباً ما ينتج عن ورم برولاكتيني (Prolactinoma)، وهو أحد الأورام التي تحدث ضمن الغدة النخامية، يمكن لهذا الورم أن يضغط على الغدة النخامية، مما يحفزها على إنتاج المزيد من البرولاكتين.

عند النساء، وإلى جانب ثر اللبن يمكن أن يسبب الورم البرولاكتيني كل مما يلي:

• دورات طمثية نادرة أو غائبة.
• انخفاض الرغبة الجنسية.
• مشاكل الخصوبة.
• نمو الشعر الزائد.

بينما تسبب مثل تلك الأورام عند الذكور:

• انخفاض الرغبة الجنسية.
• الضعف الجنسي.

تجدر الإشارة إلى أنه وفي حال كان حجم الورم كبيراً بما يكفي للضغط على الأعصاب الموجودة بالقرب من الغدة النخامية، فقد يسبب أيضاً صداعاً متكرراً أو تغيرات في الرؤية.

2. أورام أخرى

يمكن أن تضغط الأورام الأخرى أيضاً على ساق الغدة النخامية، حيث تتصل بمنطقة ما تحت المهاد (hypothalamus)، وهي منطقة في قاعدة الدماغ. هذا الضغط يمكن أن يوقف إنتاج الدوبامين الذي يساعد – بالإضافة إلى تنظيم العواطف – في الحفاظ على مستويات البرولاكتين تحت السيطرة عن طريق خفضها حسب الضرورة. وعندما يقل إنتاج الدوبامين، فقد تنتج الغدة النخامية الكثير من البرولاكتين، مما قد يؤدي إلى ثر اللبن.

3. أسباب أخرى لزيادة البرولاكتين وثر اللبن

يمكن للعديد من الحالات الأخرى أن تسبب زيادة إنتاج البرولاكتين، مثل:

• قصور الغدة الدرقية، والذي يحدث عندما لا تعمل الغدة الدرقية بكامل طاقتها.
• تناول بعض أدوية ارتفاع ضغط الدم، مثل ميثيل دوبا (methyldopa).
• أمراض الكِلى المزمنة.
• اضطرابات الكبد مثل تليف الكبد.
• بعض أنواع سرطان الرئة.
• تناول الأدوية الأفيونية، مثل أوكسيكودون (oxycodone) وفينتانيل (fentanyl).
• تناول بعض مضادات الاكتئاب، مثل باروكستين (paroxetine) أو مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، مثل سيتالوبرام (citalopram).
• تعاطي المخدرات مثل الكوكايين أو الماريجوانا.
• تناول بعض المكملات العشبية، بما في ذلك بذور الشمر أو اليانسون والحلبة.
• استخدام الفينوثيازينات (phenothiazines) للتخلص من الطفيليات.
• عند النساء، يؤثر تناول حبوب منع الحمل على مستويات الهرمونات المختلفة، والتي يمكن أن تسبب ثر اللبن لدى بعض الإناث.
• التحفيز المفرط للثدي والحلمة.
• يشير قصور الغدد التناسلية الذكرية إلى انخفاض هرمون التستوستيرون (testosterone)، وهو أحد الأسباب الأكثر شيوعاً للإصابة بثر اللبن عند الذكور. كما يمكن أن يسبب ذلك التثدي (تضخم الثديين عند الرجل).
• في كثير من الأحيان قد يُلاحظ ثر اللبن عند الأطفال حديثي الولادة، ويمكن أن يكون هذا نتيجة لزيادة هرمون الإستروجين لدى الأم أثناء الحمل، والذي يمكن أن يصل عبر المشيمة إلى الجنين قبل الولادة، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى تضخم الثدي وإفرازات لبنية من الحلمة لدى الوليد.

من هم الأكثر عُرضةً لحدوث ثر اللبن؟

الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة هم النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و 35 عاماً، وأولئك اللاتي سبق لهم وأن أنجبوا من قبل.

ما هي أعراض ثر اللبن؟

بالإضافة إلى ملاحظة إفرازات مستمرة أو متقطعة بلون أبيض حليبي (قد يكون أصفر في بعض الأحيان) من إحدى حلمتي الثدي أو كلتيهما (تتسرب عفوياً أو من خلال التحفيز باليد)، قد تُلاحظ عدة أعراض مرافقة مثل:

• فترات حيض غائبة (انقطاع الطمث) أو غير منتظمة.
• صداع أو مشاكل في الرؤية.
• جفاف المهبل.
• انخفاض وتناقص الرغبة الجنسية.
• زيادة نمو الشعر في منطقة الصدر أو الذقن.
• حب الشباب.
• الضعف الجنسي لدى الرجال.
• تضخم منطقة الثدي حول الحلمتين.
• اضطرابات النوم.

التشخيص

عادةً ما يكون ثر اللبن علامة على مشكلة صحية أساسية، لذلك من المهم العمل مع الطبيب لتحديد السبب. وقد يكون التشخيص أمراً صعباً. أثناء الفحص، سيأخذ الطبيب التاريخ الطبي ويراجع أي أدوية يتناولها المريض. من المحتمل أن يرى طبيبك كيف تستجيب حلمة الثدي للضغط، وما إذا كان ذلك يتسبب في خروج المزيد من الإفرازات، وكذلك سيقوم بفحص الثدي بحثاً عن أي علامات للورم. يمكن أيضاً أن يطلب إجراء اختبارات أخرى، بما في ذلك:

• اختبار الحمل.
• تحاليل الدم للتحقق من مستويات البرولاكتين وهرمون الغدة الدرقية (TSH).
• التحليل المخبري لحليب الثدي للتحقق من الخلايا الدهنية وتأكيد ثر اللبن.
• فحص التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ لفحص الغدة النخامية، خاصةً إذا أظهرت اختبارات الدم ارتفاع مستويات البرولاكتين.
• الموجات فوق الصوتية أو تصوير الثدي الشعاعي (mammogram).

علاج ثر اللبن

يختلف علاج ثر اللبن تبعاً لسبب الحالة، وقد يختفي من تلقاء نفسه بدون أي علاج في بعض الحالات. لتدبير الحالة، قد يوصي الطبيب بما يلي:

• تجنب الأمور التي تسبب هذه الحالة؛ على سبيل المثال، تجنب ارتداء الملابس الضيقة، وارتداء حشوات مبطنة داخل حمالة الصدر أو الاستعانة ببعض القطع القطنية المخصصة للثدي لامتصاص أي إفرازات.
• إيقاف أو تغيير الأدوية والمكملات في حال كانت هي التي تسببت بثر اللبن.
• تناول الأدوية للتحكم في إنتاج البرولاكتين.
• علاج قصور الغدة الدرقية بالأدوية التي تحفز الغدة الدرقية.

تجدر الإشارة إلى أنه وفي الحالات التي يتسبب فيها ورم الغدة النخامية في حدوث ثر اللبن، غالباً ما يكون هذا الورم حميداً (غير سرطاني). وإذا لم يتسبب الورم في أي مضاعفات أخرى، فقد يُترك للمراقبة فقط. أما في حال أوصى الطبيب بعلاج الورم في الغدة النخامية، فعادةً ما ينطوي ذلك على دواء لتقليص الورم أو وقف إنتاج البرولاكتين. نادراً ما يستخدم الأطباء الجراحة أو العلاج الإشعاعي لإزالة أو تقليص ورم الغدة النخامية.

الخلاصة

غالباً ما يختفي ثر اللبن دون علاج، وإن تجنب الأسباب التي يمكن تؤدي إلى هذه الحالة هو أفضل طريقة لمنع حدوثها. إذا تسبب ورم الغدة النخامية في حدوث ثر اللبن، فقد يقوم الطبيب في إجراء التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالرنين المغناطيسي سنوياً لمراقبة تطور هذا الورم. ليست كل أسباب ثر اللبن خطيرة، لكن التشخيص قد يكون صعباً في بعض الأحيان، ويجب على أي شخص يعاني من أعراض ثر اللبن التحدث إلى الطبيب. غالباً ما تساعد الأدوية في تدبير أي أعراض تسببها هذه الحالة، وخلال ذلك يجب تجنب فعل أي شيء يؤدي إلى زيادة إفرازات الحلمة، مثل تحفيز الحلمتين أو ارتداء الملابس الضيقة.